قلت: بل هما سواء، والضرر فيهما تبعا لازم لا محيص عنه كما أشرنا إليه لأن انتفاء الفائدة في الزجر القولي مقرون بضرر تام وهو استلزامه العصيان بالمخالفة، وهي طريق العذاب ومناطه، فرجع الأمر إلى الضرر الخالص المحض على قاعدة المعترض وأصحابه مع لزوم وجوب الحمد على الأول وعدم جواز على الثاني، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وبهذا تبين أن الباري تعالى أشد ضررا على العباد من إبليس وجنوده على مذهب المعترض وأصحابه؛ لأن غاية كيد إبليس وإضراره تعالى بالعباد ووسوسة وتزيين لا تأثير فيه على هذا المذهب الباطل بخلاف أضراره تعالى فإنه تأثير ومنع بالفعل عن طريق الهدى، وتوريط لهم بالفعل في الضلال الذي قبحه وذمه وذم فاعله، فأين هذا الإضرار من كيد إبليس وأضراره ولذا قال ابن حجاج من جملة أبيات:
إن صح ذا فتعوذوا من ربكم
وذروا تعوذكم من الشيطان
واندفع ما توهمه ابن هشام حيث قال في المغني: وقد اختلف في الباء في قوله: فسبح بحمد ربك، فقيل للمصاحبة، والحمد مضاف إلى المفعول أي ستجد حامد أي نزهه عما لا يليق، وقيل: الاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبحه بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه بمحمود[24] بل أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات انتهى.
पृष्ठ 52