[ العقل ]
واختلفوا في العقل ما هو؟ وأين هو؟ أما حقيقته فهو عند أئمتنا عليهم السلام والمعتزلة : عرض .وذهبت المطرفية : إلى أنه القلب لقوله تعالى{لمن كان له قلب}(ق:37) أي عقل .
وذهب بعض الفلاسفة : إلى أنه جوهر بسيط ويعنون بالبسيط غير المتحيز، وقال بعضهم:جوهر لطيف، ومنهم من قال : إنه قوة للنفس لأجلها يتمكن من تحصيل العلوم عن النظر وهذا يحكى عن الغزالي وغيره.
وقال بعض الطبائعية: بل طبيعة مخصوصة.
والحجة لنا: على أنه عرض أنه يزول عند النوم ونحوه ويعود عند خلافه، فلو كان القلب كما زعمت المطرفية أو جوهر على ما زعمت الفلاسفة لم يزل، وأما القوة والطبيعة فإن كان المراد بهما العرض الذي ذكرنا فقول حق (لا خلاف) وإلا كان قولا لا يعقل وهو باطل ، واحتجاج المطرفية بالآية باطل لأن (المراد به قلب) يعقل به دليله الآية الأخرى وهي قوله تعالى{لهم قلوب لا يعقلون بها}(الأعراف:179). ونظيره ما يقال هذا الأمر واضح لمن له عين وأذن وتارة يزاد يبصر بها أو يسمع بها فبطل ما قالوا .
وأما محله : فمذهب أئمتنا عليهم السلام والمعتزلة أن محله القلب لقوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها } (الحج:46) ، ودلالتها على المطلوب ظاهرة لأنه كما يحكم في قول القائل له عين يبصر بها. إن البصر معنى محله العين كذلك يحكم بأن معنى قوله{يعقلون بها} أن العقل معنى محله القلب هذا لاشك فيه ولا مرية ولا دليل على ما ذكرناه سوى السمع وقد صح الاستدلال به كما يأتي إنشاء الله تعالى .
पृष्ठ 12