وأما فصاحة الكلام:
فهي خلوصه من ضعف التأليف وتنافر الكلمات والتعقيد، مع فصاحتها.
فالضعف١:
كما في قولنا ضرب غلامه زيدًا، فإن رجوع الضمير إلى المفعول المتأخر لفظًا ممتنع عند الجمهور، لئلا يلزم رجوعه إلى ما هو متأخر لفظًا ورتبة.
_________
١ هو أن يكون تأليف الكلام على خلاف القانون النحوي المشهور بين الجمهور كالإضمار قبل الذكر لفظًا ومعنى وحكمًا، نحو ضرب غلامه زيدًا، فلو تقدم المرجع على الضمير لفظًا "بأن يتقدم عليه لفظًا ورتبة مثل ضرب زيد غلامه أو لفظًا فقط مثل ضرب زيدًا غلامه"، أو تقدم معنى بأن يتقدم المرجع على الضمير لفظًا لكن هناك ما يدل على تقدمه معنى، كالفعل المتقدم الدال على المرجع تضمنا نحو اعدلوا هو أقرب للتقوى، وكسياق الكلام المستلزم له استلزامًا قريبا نحو ولأبويه أي المورث أو بعيدًا نحو توارت بالحجاب أي الشمس، وكون المرجع فاعلًا المتقضى لتقدمه على المفعول نحو خاف ربه عمر، أو مبتدأ المقتضى لتقدمه على الخبر مثل في داره زيد، أو مفعولًا أول في باب أعطى مثل أعط درهمه زيدًا، أو تقدم حكمًا، بأن يتأخر لمرجع عن الضمير لفظًا وليس هناك ما يقتضي ذكره قبله إلا حكم الواضع بأن المرجع يجب تقدمه، لكن خولف حكم الواضع لأغراض تأتي في بحث وضع المضمر موضع المظهر. فالمرجع المتأخر لغرض متقدم حكمًا مثل: ربه رجلًا، ونعم رجلًا زيد، وقل هو الله أحد. وفي باب التنازع مثل ضربني وضربته محمد وباب البدل والمبتدأ المفسر بالخبر.
نعم لو تقدم المرجع في كل ذلك جاز ولا يكون هناك ضعف ولا يضر ذلك بفصاحة الكلام.. وقد أشار السكاكي إلى ضعف التأليف في المفتاح ص٩٤.
1 / 28