فلما فتح ابن تيميه عينيه على هذا المعترك الهائج، اقحم نفسه فيه ايما اقحام، واندفع في اعماقه بلا تردد ولا توان، حتى ركز لواءه في مركز الحلبه، يوجه سهامه الى كل من خالفه في راى او فتوى او عقيده او موقف، بلا تمييز، افرادا كانوا او مذاهب وطوائف، ليجعل من نفسه دائره جديده في ذلك النزاع، ولكنه كان على الصعيد السياسى الدائره الاقرب الى حمايه السلطان دائما.
فعندما تكلم في الصفات، وبالغ في التجسيم بعباره لم يجرو عليها احد قبله، وقام عليه علماء دمشق ونادوا ببطلان كلامه وشكوه الى القاضى، فابى ان يحضر الى القضاء، تدخل امير دمشق، فانتصر لابن تيميه، وارسل في طلب من نازعه في عقيدته، فاختفى منهم جماعه، وقبض على آخرين فضربهم، فسكت الباقون، وتمهدت الامور وسكنت الاحوال.
وكان من بين الفقهاء يقيم الحدود بنفسه، ويعزر ويحلق رووس الصبيان، ويعرك آذانهم، وخالفه في ذلك بعضهم، فرد عليهم، وسكنت الامور لصالحه.
واذا اشار الى السلطان او نائبه بعزل قاض او خطيب او شيخ في دار الحديث او في ناحيه من النواحى، نفذ طلبه على الفور وبلا ترديد.
ولما افتى بكفر النصيريه ووجوب قتلهم جهز له نائب السلطنه جيشا قاده بنفسه وصحبه ابن تيميه، فابادوا خلقا كثيرا منهم، ووطئوا اراض كثيره من بلادهم، وكان ذلك في سنه 705 ه.
كما صحب السلطان فيمن صحبه من المشايخ ورجال الدين في وقعه شقحب مع التتار سنه 702 ه.
واشد ميادين صراعه كان مع الصوفيه، الاقوياء، نظرائه في الحظوه عند السلطان، صراع ملا حياته وشغل اكثر من نصف كتاباته، فغير كتبه العديده التى الفها ضدهم، كان لا ينسى ان يتناولهم في شتى كتبه الاخرى، وربما تكلف كثيرا في ايجاد مناسبه ينفذ من خلالها الى ما يشفى غليله في النيل منهم والحط من معتقداتهم.
पृष्ठ 43