280

इब्न रूमी

ابن الرومي: حياته من شعره

शैलियों

وزد على ذلك فجائعه في بنيه وأحبابه واحدا بعد واحد وهو أحوج ما يكون إلى معونتهم وعطفهم بين قوم كأنه غريب فيهم لا يفهمهم ولا يفهمونه، وزد عليه طمع الناس فيه حتى كانت تسلبه ملكه الزهيد امرأة، كما جاء في بعض شعره، ويغصبه منزله الذي يسكنه تاجر يستهين به وبما عسى أن يصنع.

وراغمني فيما أتى من ظلامتي

وقال لي: اجهد في جهد احتيالكا

فما هو إلا نسجك الشعر سادرا

وما الشعر إلا ضلة من ضلالكا

لهذا وأمثاله كثرت أهاجي ابن الرومي واشتد إقذاعه، وكان الذين يمدحهم بالأمس هم الذين يثلبهم بعد ذاك، يكاد لا يفصل المدح عن القدح فاصل، أو يكاد يكون المدح والقدح متواليين في صفحات الديوان؛ لأن الديوان مرتب على حسب الحروف لا على حسب التواريخ والموضوعات، ولو أننا نصبنا ميزان العدل لكان ابن الرومي ملوما على المدح أضعاف لومه على الهجاء؛ فقد كان يكذب حين يمدح ويتوسل، ولم يكن يكذب حين يهجو وينتقم، وراجع ترجمة المهجوين في قصائدهم تجدهم كلهم أو أكثرهم لصوصا، لا ينقضي على أحدهم في المنصب أشهر أو سنوات حتى يعمر بيته بالمنهوب المسلوب من أرزاق الرعية الضعفاء، ثم لا تنقضي فترة أخرى حتى يسلط عليه لصوص أكبر منه، فينكبونه ويستصفون أمواله كأنهم تغافلوا عنه ريثما يجمع لهم تلك الأموال. وإن في كتب التاريخ لسوءات لهم غير هذه، وآثاما جساما لا يقال فيها: إنها تخرص شاعر مغبون، أو افتراء خصم متهم بالأقاويل، فإن كان الصدق عذرا للثالب الصادق، فعذر ابن الرومي في التشهير والتجريح أوجه من عذره في الإطراء والمديح.

وقد اشتهر بالهجاء وأصبح له سلاحا لازما وقدرة معروفة بين شعراء عصره، فراح يلوح به كما يلوح المهدد بسلاحه، ويعجب به كما يعجب الفنان بعمله، ولو عوفي في نفسه ورزقه لما بقي له من الهجاء إلا ناحيته هذه الفنية، وألاعيبه الصبيانية؛ فإنه على كل حال لم يحتقب قط من أدواته النية الخبيثة والطبع الشرير، أو هو على حد قوله:

لو أروض الشيطان أذعن كالكل

ب، أو العود عضه الكلوب

22

अज्ञात पृष्ठ