ومن شاء فليبادل إن كانت له الجرأة!
من شاء واستطاع فليعد بالإنسان إلى أوله لينتزع من ذاكرته ووجدانه كل ما أحسه وتعلمه من كلمة الشيطان، أو كلمة الملك، أو كلمة الخطيئة، أو كلمة العصيان، وليضع في مكانها ما يقترحه في تصريف اللغة ومصطلحاتها مفسرة ميسرة، محكمة مقسمة، ولينظر ماذا صنع بالإنسان فيما مضى، وما يصنع به فيما بعد، فإنه قاتله وملقيه في مقبرة من قاموسه الجليل.
من كانت له الجرأة، وكانت لديه القدرة، فليبادل ولينظر فرق ما بين كلماته ومصطلحاته ومدلولاته، وبين هذه «الهيروغليفية» الكونية التي هي الكلام، وهي متكلموه، وهي المحسون به وفاهموه.
وليقف خاشعا مستعيذا «بالشيطان» من الغرور.
وليرجع في أمان هذه «المعوذة» إلى تاريخ الشيطان؛ ليعلم منه تاريخ الأخلاق الحية وتاريخ الإنسانية الخالدة.
فإذا كان لا يدرك تاريخ الأخلاق الإنسانية حقا وصدقا إلا من تاريخ الشيطان، فلا ينكرن هذا الاسم، ولا ينكرن وجوده من باب أولى.
إنه وجود أرسخ من وجود الإنسان.
ومن لم يكن في وسعه أن يدرك ما وراء هذه الحقيقة، فأحرى به ألا يتطفل على الوجود والعدم، والحياة والموت، والحق والباطل، والعلانية والخفاء، والظواهر والأسرار، فكل أولئك له معناه الذي لا يدركه ولا يدريه.
وسنكتب فيما يلي تاريخ الشيطان؛ لنستخرج منه تاريخ الأخلاق الإنسانية كما تشخصت في ثنية الحياة، ونركب عليها بعد ذلك ما يوافقها أو يلافقها من مصطلحات القاموس!
الفصل الأول
अज्ञात पृष्ठ