قال الشيخ فاعلموا رحمكم الله أن هذه طريقة الأنبياء عليهم السلام وبذلك تعبدهم الله وأخبر به عنهم في كتابه أن المشيئة لله عز وجل وحده ليس أحد يشاء لنفسه شيئا من خير وشر ونفع وضر وطاعة ومعصية إلا أن يشاءها الله وبالتبري إليه من مشيئتهم ومن حولهم وقوتهم ومن استطاعتهم بذلك أخبر عن نوح عليه السلام حين قال له قومه
ﵟيا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقينﵞ
فقال نوح عليه السلام مجيبا لهم
ﵟإنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعونﵞ
قال الشيخ فلو كان الأمر كما تزعم القدرية كانت الحجة قد ظهرت على نوح من قومه ولقالوا له إن كان الله هو الذي يريد أن يغوينا فلم أرسلك إلينا ولم تدعونا إلى خلاف مراد الله لنا
ولو كان الأمر كما تزعم هذه الطائفة بقدر الله ومشيئته في خلقه وتزعم أنه يكون ما يريده العبد الضعيف الذليل لنفسه ولا يكون ما يريده الرب القوي الجليل لعباده فلم حكى الله عز وجل ما قاله نوح لقومه مثنيا عليه وراضيا بذلك من قوله
وقال شعيب عليه السلام ^ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما )
पृष्ठ 287