ومن ذلك أيضا لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم سلط الله الكفار على الرسل في الدنيا وسلط الكافرين على المؤمنين حتى قتلوهم وعذبوهم وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس وإنما سلط الله أعداءه على أوليائه ليكرم أولياءه في الآخرة بهوان أعدائه وهو قادر على ان يمنع الكافرين من المؤمنين ويهلك الكفار من ساعته ولو كان هذا من أفعال بعض ملوك العباد كان جورا عند أهل مملكته حيث سلط أعداءه على أنصاره وأوليائه وهو قادر على هلكتهم من وقتهم فمن تفكر في نفسه فظن أن هذا جور من فعل الله حيث سلط الكفار على المؤمنين فقد كفر ومن قال أن الله لم يسلطهم وإنما الكفارقتلوا أنبياء الله وأولياءه بقوتهم واستطاعتهم وأن الله لم يقدر ان ينصر أنبياءه وأولياءه حتى غلبوه وحالوا بينه وبين من أحب نصره وتمكينه فمن ظن هذا فقد كفر لا يسأل عما يفعل وهم يسألون لا يشبه عدله عدل المخلوقين كما أن شيئا من الخلق لا ييشبهه
وخصلة أخرى أنه لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم مكن الله لأعدائه في البلاد وأعانهم بقوة الأبدان ورشاقة الأجسام وأيدهم بالسلاح والدواب ثم أمر أنبياءه وأولياءه أن يعدوا لهم السلاح والقوة وأن يحاربوهم ويقاتلوهم ووعدهم أن يمدهم بالملائكة ثم قال هو لنفسه إني معكم على قتال عدوكم وهو قادر على أن يهلك اعداءه من وقته بأي أنواع الهلاك شاء من غير حرب ولا قتال وبغير أنصار ولا سلاح فلو كان هذا من أفعال العباد وأحكامهم لكان جورا وفسادا أن يقوي أعداءه على اوليائه ويمدهم بالعدة ويؤيدهم بالخيل والسلاح والقوة ثم يندب أولياءه لمحاربتهم فمن قال أن العدة والقوة والسلاح الذي في أعداء الله ليس هو من فعل الله بهم وعطية الله لهم فقد كفر ومن قال أن ذلك من فعل الله بهم وعطيته لهم وهو جور من فعله فقد كفر ومن قال أن الله أعطاهم وقواهم ولم يقدر أن يسلبهم إياه ويهلكهم من ساعته فقد كفر وهذا مما يجب الإيمان به والتسليم له وأن الله خلق أعداءه وقواهم وسلطهم ولو شاء أن يهلكهم لفعل والله أعدل في ذلك كله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
पृष्ठ 250