فإن من مبدأ عبادة الأوثان: العكوف على الأنبياء والصالحين، والعكوف على تماثيلهم، وإن كانت وقعت بغير ذلك.
وقد ذكر الله في كتابه عن المشركين أنهم قالوا:
﴿لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا﴾ ١.
وقد روى طائفة من علماء السلف أن هؤلاء كانوا قوما صالحين، فلما ماتوا بنوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم.
وكذلك قال ابن عباس في قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ ٢. قال ابن عباس: كان اللات رجلا يلت السويق للحجاج، فلما مات عكفوا على قبره، ولهذا قال النبي ﷺ: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" نهى أن يصلى عند قبره.
ولهذا لما بنى المسلمون حجرته حرفوا مؤخرها، وسنموه لئلا يصلي إليه "أحد"٣. فإنه ﷺ قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها" ٤. رواه مسلم.
وكان ﷺ إذا خرج إلى أهل البقيع يسلم عليهم، ويدعو لهم.
_________
١-سورة: نوح، آية:٢٣.
٢-سورة النجم، آية:١٩.
٣-ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
٤-أخرجه مسلم في الجنائز حديث ٩٧-٩٨. وأبو داود في الجنائز باب ٧٣. والترمذي في الجنائز باب ٥٧. والنسائي في القبلة باب١١. والإمام أحمد ٤/١٣٥. وأورده السيوطي في الجامع الصغير حديث ٤٧-٩٧ وصححه.
1 / 59