ولعل أول من استدل على اشتراط المصر بقول علي " لا جمعة ولا تشريق ...الخ " هو الجيطالي (ت750ه) (¬1) ، وأول من استدل على اشتراط الإمام بحديث جابر هو الشماخي (ت792ه) (¬2) ، وأول من استدل بقول الحسن البصري " أربع إلى السلطان ..." هو المحشي (ت1088ه) (¬3) . وأغلب الظن أن الذين جاؤوا من بعدهم تبعوهم في الاستدلال بتلك الأحاديث.
المبحث الخامس:
أولا: موقف السالمي من مسألة المصر والتمصير:
اختلف الإباضية في وجوب الجمعة في غير الأمصار التي مصرها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؛ فمنهم من قصر وجوبها على الأمصار الممصرة، ومنهم من أوجبها في كل مصر، وذهب قلة منهم -حسب ما يبدو- إلى عدم اشتراط المصر أصلا.
والإمام السالمي من القائلين بوجوبها في كل مصر، واستدل على ذلك ببعض الأحاديث، وبتمصير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعدم معارضة الصحابة الكرام له، ثم بين حصول الإجماع على ذلك.
وما يمكن ملاحظته على أدلة الإمام السالمي في هذه المسألة هو كالآتي:
-معظم الأحاديث المستدل بها ضعيفة السند أو الدلالة، وهي بمفردها غير كافية.
-تمصير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للأمصار وحصر إقامة الجمعة فيها موضوع يحتاج إلى مزيد بحث ودراسة، من جانب ثبوت القضية، وهل مصرها للجمعة أو الدواوين؟ وهل بتمصيره منع إقامة الجمعة في غيرها؟ في حين لم يتطرق السالمي إلى ما روي (¬4) من أن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر وعثمان -رضي الله عنهما- بأمرهما، وفيها رجال من الصحابة، وأن ابن عمر - رضي الله عنه - كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم.
¬__________
(¬1) - ... الجيطالي: قواعد الإسلام، 01/364.
(¬2) - ... الشماخي: الإيضاح، 01/603.
(¬3) - ... السدويكشي: حاشية على الإيضاح (بهامش الإيضاح)، 01/602.
(¬4) - ... انظر؛ ابن حجر: فتح الباري، 02/380.
पृष्ठ 28