حركت عينيها ناحية الرجل، أمسك فأسا وراح يضرب الأرض، يملأ البراميل واحدا وراء الآخر، ظهره كان ناحيتها، تسللت على أطراف أصابعها، يمكنها أن تبتعد قليلا وتهرب، ربما تنجح في الهرب قبل أن يستدير إليها.
لمحت الرغيف فوق لوح الخشب، أحست آلام الجوع فجأة، خلعت الحقيبة عن كتفها ومدت ذراعها، قضمت بأسنانها قطعة خبز، تلتها بقضمة ثانية، وثالثة، رآها الرجل وهي تأكل. - كيف تأكلين طعامي ثم ترفضين الخضوع لطاعتي؟ - أهو طعامك؟ - بالطبع. - أنا لا آكل من عرقك، أنا أعرق مثلك؟ - مثلي؟ - نعم مثلك، ألا أحمل البراميل كل يوم إلى الشركة؟ - الشركة؟!
رنت الكلمة في أذنيها غريبة، كلمة غامضة، الشركة، ما هي؟ من هم الشركاء في هذه الشركة؟ لمن يبيعون البراميل؟ كم يدفعون لها في اليوم؟ هل يأخذ الرجل أجرها؟ منذ جاءت لم تقبض شيئا، لم تمسك بين يديها شيئا من النقود.
غامت الدنيا في عينيها، حركت رأسها ناحية الرجل، بدأ يضرب الأرض بالفأس، ضربة وراء ضربة، حركة ثقيلة بطيئة، ثم يلقي الفأس جانبا، يتثاءب، يمسح عرقه بكم جلبابه، يملأ القفة حتى الحافة، يرفعها على مهل بحركة متثاقلة، ثم يفرغها في البرميل، يطقطق البرميل بصوت عال. - المرأة لا يصح أن تعمل من أجل النقود. - ولماذا تعمل؟ - من أجل هدف أكبر.
بدا الكلام منطقيا، هناك هدف آخر لحياتها، من أجل الهدف الأكبر يمكنها أن تخضع لهدف أصغر، أحست بالارتياح لهذه الفكرة.
رفعت البرميل بذراع واحدة، ووضعته فوق رأسها، التوت عضلات عنقها تحت الثقل، لكنها عادت واعتدلت، كان النفط المتجمد على قدر كبير من اللزوجة، يرتج داخل بطن البرميل ومن الفوهة يتصاعد شيء كالبخار.
تقدمت في طريقها نحو الشركة، انعكس خيالها فوق سطح البركة، بدت والبرميل فوق رأسها كأنما هي الإلهة حتحور تحمل قرص الشمس بين قرنيها.
شدت عضلات عنقها بما يشبه الكبرياء، من قعر البرميل كانت السخونة تنفذ مثل الشمس، سارت بخطواتها الثابتة لا تأبه لشيء.
بدت الشركة من بعيد كبقعة سوداء في مساحة أكثر سوادا، قطعة من الأرض مرتفعة في السماء على شكل مدخنة تقذف اللهب، وذرات سوداء تبدو تحت لهيب الشمس حمراء.
ربما ولدت هنا وليست لديها حياة أخرى، التوى عنقها بحركة مفاجئة وكاد البرميل يسقط، رفعت ذراعها وأمسكته بحركة سريعة.
अज्ञात पृष्ठ