पश्चिम की बुद्धि
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
शैलियों
وعندما تحدث أرسطو عن مشكلة الثروة ووسائل اكتسابها، قام بتمييز أصبح له تأثير كبير خلال العصور الوسطى؛ فالشيء تكون له قيمتان؛ إحداهما: قيمته الخاصة، أو قيمته عند الاستعمال كما يحدث عندما يلبس المرء زوجا من الأحذية. أما الثانية: فهي قيمته في التبادل، وهي تؤدي إلى نوع من القيمة غير الطبيعية، كما يحدث عند مبادلة زوج الأحذية، لا بسلعة أخرى من أجل الاستعمال الخاص المباشر، بل بمبلغ من المال. وللمال مزايا معينة، من حيث إنه يمثل شكلا مركزا من أشكال القيمة يمكن حمله بطريقة أسهل، ولكن له عيوبه التي تتمثل في أنه يكتسب نوعا من القيمة المستقلة الخاصة به، وأسوأ مثل لذلك عندما يقرض المال بفائدة ، على أن قدرا كبيرا من اعتراضات أرسطو يرجع على الأرجح إلى التحامل الاقتصادي والإجماعي؛ إذ كان يرى أنه لا يليق بالسيد المهذب أن يعكف على جمع المال على حساب رعاية الحياة الفاضلة، ولكنه نسي أن السعي وراء هذه الأهداف مستحيل بغير بعض الموارد المالية. أما عن الإقراض فإن اعتراضه عليه مبني على نظرة ضيقة إلى وظيفة رأس المال. فلا جدال في أن الرجل الحر إذا أصابه الفقر فقد يصبح عبدا إذا ما استعان بأحد المرابين في وقت تكون فيه ثروته الخاصة سائرة نحو الهبوط، وهذا أمر يحق لنا أن نعترض عليه بقوة، غير أن هناك استخدامات أخرى بناءة لرأس المال من أجل تمويل المشروعات التجارية، ولكن من الجائز أن أرسطو لم يشعر بالرضا عن هذا النوع من الإقراض؛ لأن التجارة الواسعة النطاق، وخاصة مع الأجانب كانت تعد ضرورة مؤسفة.
فإذا انتقلنا الآن إلى مناقشة الدولة المثلى، وجدنا أن أوصافها عند أرسطو أكثر مرونة وأقل إحكاما من ذلك التخطيط الدقيق الذي نجده في «الجمهورية»، ويؤكد أرسطو بوجه خاص أهمية وحدة الأسرة، وهو يرى أن تكوين عاطفة حقيقة يحتم تضييق النطاق الذي تمارس عليه هذه العاطفة؛ ولذا فإن الطفل لا بد له لكي يتلقى العناية السليمة من أن يعيش في ظل رعاية والديه، أما المسئولية الجماعية الخالصة في هذا الميدان فتؤدي إلى الإهمال. ومن جهة أخرى فإن المدينة المثلى كما رسمتها «الجمهورية» موحدة الاتجاه أكثر مما ينبغي. وهي تغفل حقيقة هامة، هي أن الدولة تجمع - في حدود معينة - بين مصالح متباينة. ولنلاحظ في هذا الصدد أن المرء لو اعترف بتعدد المصالح لما وجد حاجة إلى «الأكاذيب الملكية»، وفيما يتعلق بملكية الأرض يوصي أرسطو بأن تكون ملكية خاصة، ولكن نواتج الأرض ينبغي أن تتمتع بها الجماعة كلها، ومعنى ذلك أنه يدعو إلى شكل مستنير من أشكال الملكية الخاصة، يستخدم فيها المالك ثروته من أجل صالح الجماعة، والشيء الذي يولد هذا الشعور بالمسئولية (اتجاه المجتمع) هو التعليم.
ولقد أخذ أرسطو بوجهة نظر ضيقة إلى حد ما في نظرته إلى المواطنة؛ فهو يريد أن يقصر لقب المواطن على أولئك الذين لهم حق الاقتراع، ويكون لهم في الوقت ذاته دور مباشر وفعال في عملية حكم الدولة. وهذا يؤدي إلى استبعاد جماهير الزراع والصناع الغفيرة، الذين يحكم عليهم بأنهم لا يصلحون لممارسة المهام السياسية. أما إمكان الاشتراك لا الحكم عن طريق التمثيل النيابي فلم يكن يخطر ببال أحد في ذلك الحين.
وقد اقتفى أرسطو إلى حد بعيد أثر التخطيط الذي وضعه أفلاطون في محاورة «السفسطائي» بالنسبة إلى مسألة أنواع الدساتير المختلفة.
غير أنه يبرز أهمية الثروة في مقابل العدد؛ فليس من المهم أن تحكم القلة أو الكثرة، وإنما المهم هو مدى السلطة الاقتصادية التي يملكها من يحكمون. أما عن عدالة حقوق المطالبين بالسلطة، فإن أرسطو يعترف بأن الجميع يطالبون بالسلطة لأنفسهم، مستندين إلى مبدأ واحد للعدالة في كل حالة؛ هو المبدأ القائل إن الناس المتساوين ينبغي أن يكون لهم نصيب متساو، أما غير المتساوين فلا، ولكن الصعوبة تكمن في تقدير معنى المساواة واللامساواة؛ ذلك لأن من يتفوقون في ميدان معين كثيرا ما يتصورون أنفسهم متفوقين في كل شيء. والوسيلة الوحيدة للخروج من هذا المأزق هي في النهاية الاعتراف بالمبدأ الأخلاقي، فالمساواة ينبغي أن يحكم عليها على أساس معيار الخير، والخير هو الذي ينبغي أن تكون له السلطة.
وبعد عرض طويل لأنواع الدساتير المختلفة، يصل أرسطو إلى نتيجة هي أن أفضل دستور على وجه العموم هو ذلك الذي لا تكون فيه الثروة مفرطة، ولا تكون شحيحة؛ فالدولة التي تغلب فيها الطبقة الوسطى هي الأفضل والأكثر استقرارا، ثم ينتقل إلى مناقشة أسباب الثورة ووسائل مكافحتها. فالسبب الأساسي هو العدوان على مبدأ العدالة؛ لأن تساوي الناس أو عدم تساويهم في جوانب معينة، لا يعني أنهم كذلك في كافة الجوانب. وأخيرا يقدم عرضا للدولة المثلى؛ فسكان هذه الدولة ينبغي أن يكون لهم الحجم المناسب، والمهارات المناسبة، ويجب أن يكون في استطاعة العين البشرية أن تحيط بحدودها من فوق قمة جبل، ولا بد أن يكون مواطنوها من الإغريق؛ لأن هؤلاء وحدهم هم الذين يجمعون بين حيوية الشعوب الشمالية وذكاء الشعوب الشرقية.
وأخيرا ينبغي أن نشير إلى كتاب كان له، برغم ضآلة حجمه، تأثير هائل على تاريخ النقد الفني، ولا سيما في ميدان الأدب المسرحي، ذلك هو كتاب «الشعر» لأرسطو، وهو الكتاب الذي خصصه كله لمناقشة التراجيديا والشعر الملحمي. وينبغي أن يلاحظ أن لفظ «الشعر» ذاته
poetics
يعني حرفيا في أصله اليوناني، عملية صنع الأشياء. ولذلك كان من الممكن بوجه عام استخدامه للتعبير عن أي نشاط إنتاجي، ولكن هذا الاستخدام يقتصر في سياقنا هذا على الإنتاج الفني، فالشاعر بالمعنى الذي تحمله هذه الكلمة اليوم هو صانع الأبيات.
إن كل فن في رأي أرسطو يعتمد على المحاكاة، وهو يقدم تصنيفا للفنون يبدأ بتمييز التصوير والنحت عن الباقين، تاركا الموسيقى والرقص والشعر بمعناه الحديث بوصفها فئة واحدة.
अज्ञात पृष्ठ