पश्चिम की बुद्धि
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
शैलियों
أما عن الخير والشر الذي يمارسه البشر، فإن أرسطو يعتقد أن العقل البشري إرادي، إلا حيث يكون هناك قهر أو جهل، وعلى عكس ما كان يقول به سقراط، اعترف أرسطو بأن المرء قد يقترف الشر عامدا، وقد قام إلى جانب هذا بتحليل لمعنى الاختيار، وهي مشكلة لم يكن من الممكن بالطبع أن تنشأ في إطار النظرية القائلة إنه لا أحد يرتكب الخطأ مختارا.
وقد دافع أرسطو في نظريته عن العدالة، عن مبدأ العدالة التوزيعية الذي نراه ساريا في تعريف سقراط للعدالة في محاورة «الجمهورية». فالعدالة تتحقق عندما يتلقى كل فرد النصيب الذي يستحقه، ولكن الصعوبة الكامنة في هذا الرأي هي أنه لا يقدم أساسا لتحديد ما يستحقه كل شخص. فماذا ينبغي أن تكون المعايير في هذه الحالة؟ إن سقراط يؤكد معيارا واحدا على الأقل، وهو معيار يبدو موضوعيا بدرجة معقولة، وأعني به معيار التعليم. وهذا رأي واسع الانتشار بيننا اليوم، على أنه لم يكن كذلك في العصور الوسطى، على أن من الضروري كما هو واضح أن تحل مشكلة تحديد ما يستحقه المرء إذا ما شئنا تطبيق نظرية العدالة هذه. وأخيرا لا بد أن نقول كلمة عن آراء أرسطو في الصداقة.
فلكي يعيش المرء حياة خيرة ينبغي أن يكون له أصدقاء يشاورهم ويرتكن إليهم في وقت الشدة. وفي رأي أرسطو أن الصداقة امتداد لحرص المرء على ذاته، يسير في اتجاه الآخرين؛ فمن مصلحتك الخاصة أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. وهنا أيضا نجد الأخلاق الأرسطية مشوبة بطابع التعالي والتركيز حول الذات.
وحين ننتقل إلى بحث النظرية السياسية عند أرسطو، نجد أمرين يستلفتان انتباهنا بقوة منذ البداية؛ أولهما: أن البرهان في مجال السياسية غائي بالضرورة، وقد كان أرسطو على وعي تام بذلك.
وثانيهما: أن هناك شبه تركيز كامل على دولة المدينة وحدها، ولنلاحظ بالنسبة إلى هذا الأمر الثاني أن أرسطو لم ينتبه إلى أن أيام دولة المدينة اليونانية كانت قد بدأت تزول حتى خلال حياته هو ذاته؛ إذ كانت مقدونيا قد امتلكت زمام القيادة في اليونان، وانتقلت تحت زعامة الإسكندر إلى تشييد إمبراطورية كبرى. ومع ذلك لم يبد أرسطو إلماما بالمشكلات السياسية لتنظيم كهذا. صحيح أن هناك بضع إشارات باهتة إلى الملك الأعظم (ملك الفرس)، وإلى مصر وبابل، غير أن هذه الاستطرادات الثانوية المتعلقة ببلاد خارجية لم يكن لها من وظيفة سوى زيادة إبراز التضاد بينها وبين اليونان.
وظلت دولة المدينة في نظر أرسطو هي التي تمثل الحياة السياسية في أعلى صورها، أما ما يحدث في الخارج فهو ضرب من البربرية مهما اختلفت أشكاله.
ومنذ البداية يستخدم أرسطو المنظور الغائي الذي تحدثنا عنه في موضع سابق ؛ فالتجمعات تتكون لكي تسعى نحو غاية معينة، ولما كانت الدولة هي أعظم هذه التجمعات وأشملها، فلا بد أن تكون الغاية التي تسعى إليها هي الأعظم. وهذه الغاية هي بالطبع الحياة الخيرة كما عرضها مذهبه في الأخلاق، وهي تتحقق من خلال مجتمع له حجم معين، وأعني به دولة المدينة، التي تتكون عن طريق ضم جماعات أصغر ترتكز بدورها على الجماعة المنزلية أو الأسرة. ومن طبيعة الإنسان أن يحيا بوصفه حيوانا سياسيا؛ لأنه يصبو إلى الحياة الخيرة. فلا يوجد إنسان من الفانين العاديين قادر على الاكتفاء بذاته إلى حد أن يعيش وحيدا.
وينتقل أرسطو إلى مناقشة مشكلة الرق، فيقول إننا نجد في كافة مظاهر الطبية ازدواجية بين الأعلى والأدنى، ويتمثل ذلك في النفس والجسم، والإنسان والحيوان. وفي مثل هذه الظروف يكون الأفضل للطرفين أن يكون هناك حاكم ومحكوم، فاليونانيون أعلى بطبيعتهم من البرابرة؛
14
ومن ثم فإن من الطبيعي أن يكون الأجانب عبيدا، ولكن هذا لا ينطبق على اليونانيين. ونستطيع أن نجد في ذلك اعترافا على نحو ما بأن الرق لا يمكن تبريره في نهاية الأمر؛ ذلك لأن كل قبيلة من البرابرة ستنظر إلى نفسها بغير شك على أنها أسمى، وتعالج المسألة من وجهة نظرها الخاصة. والواقع أن هذا هو ما كان يقوم به بالفعل أشباه البرابرة المقدونيون.
अज्ञात पृष्ठ