[خطبة المؤلف]
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله مبدىء الحمد وباريه، ومقدره وقاضيه، والآمر به وراضيه، جزاء من عباده عن نعمة، والمستوفي لهم جزيل قسمه، والمزحزح عنهم حلول نقمه، الفارض له عليهم، الحاتم فيما انزله اليهم، المستحق على هدايته لهم حمده على نعمه، إذ كان حمدهم له على نعمه نعمة أنعمها منه عليهم، الذي لم تدرج نوره الدياجي، ولم تحط بقدرته الأماكن، ولم تستقل، بذات كبريائه المعادن، ولم تستقر لجلال ملكوته المواطن.
الأول لا أول مكيف، والآخر لا آخر مستحدث، الدائم في أزليته، الباقي في ربوبيته، الشاهد على خليقته، فاطر المخلوقين بحسن تدبير الحكمة، ومكونها أجساما وأشخاصا، وأشباحا وأرواحا، وصورا مختلفة وغير مختلفة، ومتشابهة وغير متشابهة.
الذي لم تكله قدرته فيما خلق الى ظهير، ولم تدعه مبهرات عجائب ما فتق ورتق الى مستعين به في أمره ومشير، المظهر فيما ذرأه وبرأه مما شوهد بعيان، واستدل عليه ببرهان، بدائع تحسر عقول المخلوقين عن بلوغ تحديدها، والمستشهد عند ذوي العلم والعقول، خلق السنتهم وأنفسهم وألوانهم ولم يحيطوا به علما، ولم يبلغوه فهما، اذ لا صانع لهم دونه، ولا مركب لهم في تأليف غيره، ولا متقن في تصنيف، ولا مدبر في تأليف غيره.
पृष्ठ 29