हयात शर्क़
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
शैलियों
وفي يوم الأربعاء 2 فبراير سنة 1931 ألقى مولانا شوكت علي خطابا على نخبة فاضلة من سيدات القاهرة فقال إنه مدين بكل ما هو فيه من حب الإسلام والشهرة المكتسبة هو وأخوه لامرأة وهي أمهما التي كونتهما وثقفتهما ولم تكن متعلمة ولكنها سيدة علمها الزمن، وكان لها عقل راجح وصدر رحب فعلمت ولديها حب دينهما وأهله، وكل ما قاما به من جهاد في سبيل الإسلام والمسلمين إنما هو ثمرة لهذا الغرس الذي غرسته أمهما في نفسيهما. وكان محمد علي عمره سنة واحدة عندما توفي والده، وكان عمر الخطيب (شوكت) سبع سنين وكانت تركة أبيهما مستغرقة بالديون، فقلبه مفعم بالحب لأمه العظيمة التي جاعت كيلا تبيع أرضهما المرهونة وباعت كل ما كانت تملك حتى ربتهما هذه التربية التي نشأا عليها، ومن أجلها هو يقدس المرأة ويعمل كل ما يمكنه في خدمتها إكراما لأمه.
ثم تكلم عن حجاب المرأة الهندية وهو المسمى بنظام البوردا (ولعله مأخوذ من كلمة بردة أي ثوب)، فقال إن سببه فتوح الموغول فأصبح الهنود محكومين بعد أن كانوا حاكمين فاضطر المسلمون إلى حجب النساء وقاية لهن من التعدي والأذى، وإن الذي ساعد والدته على تربيته وتربية أخيه وأخواتهما الأربع إنما هو الحجاب، لأنها اقتصدت ولم تر بذخ السيدات ولم تتأثر بأفكارهن بالعدوى، فكان ذلك معينا لها على الانصراف إلى تكوين أسرتها بالطريقة المجدية النافعة، وإن أول واجب على المرأة المسلمة أن تكون الأسرة تكوينا يخرج الناشئة على جميع الأخلاق الفاضلة.
ثم قال: إننا وقفنا مكتوفي الأيدي والروح الإسلامي يضعف شيئا فشيئا وخصوم الإسلام يعملون على هدمه والاستيلاء على مقدساته ويحاربون المسلمين في دينهم وأعز شيء عليهم، وإن الأخطار التي تحوط جميع الأمم الإسلامية اليوم يجب التفكير الجدي في وسائل صدها ودفعها عنها.
لا ينبغي أن نبكي إذا أخذ وطننا منا، ما دمنا نصرف أوقاتنا في التافه من الشئون ونضن على الله ببعض أوقاتنا.
لا نريد أن نتصوف ولا أن نتقشف، ولكن نلبس زينة الله ونتمتع برزقه في حدود الضرورة. ولكن علينا أن نعطي أرواحنا قسطا من التربية والتهذيب النفسي كما أعطيناها من الملاذ والشهوات.
التفكير في الدفاع عن الشرق واجب
ولم يكد المرحوم محمد علي تجف دموع الباكين عليه حتى أطلق سراح غاندي وتوفي المرحوم متولال نهرو أحد عظماء الهنود وقد خرج من السجن إلى القبر. وانتهى مؤتمر لندن، والتقى غاندي بلورد إروين الحاكم العام في الهند واتفقا في النهاية على منهاج الهدنة ووقف الحرب السياسية ريثما تتم خطة الاتفاق النهائي التي تنيل الهند أمانيها المقدسة.
وربما كان هذا من المصادفات ولكن من العجيب حدوثها عقيب وفاة الزعيم الراحل، فقد صدق من قال إن دماء الشهداء تغذي شجرة الحرية، وهذا الشهيد قد سقط في ميدان الوغى يدافع عن وطنه وعن دينه وعن الشرق أجمع، وقد تحقق بعد موته أمله الذي كان يسعى إليه طول حياته وكاد يتحقق عن قريب بإذن الله.
إن الذي حدث وظهر فيما يتعلق بإخواننا الهنود المسلمين أمر على أعظم جانب من الخطورة، وقد سبب دهشتنا وغير مجرى أفكارنا. إنه من المبالغة أن نقول إننا واقفون على أحوال المسلمين في الهند، وكل ما يمكننا أن نقول به هو ما ظهر لنا من نهضتهم بسبب إنشاء كلية عليكره التي أسسها سيد أحمد خان الزعيم الهندي المسلم وكانت جريدة المؤيد تدعو للاكتتاب لتلك الكلية، وقد جمعت مبالغ لا بأس بها من كرام المصريين. وفي ظني أن فكرة الوطنية أو الاستعمار لم تكن هي الحافز لنا في ذلك العهد على مد يد المعونة لتلك الكلية، بل كان الحافز لنا هو الرابطة الدينية بين المسلمين الهنود وبين المصريين، وأخذ بعض الهنود المسلمين المتعلمين لا سيما الذين ختموا دراستهم في بلاد الإنجليز يمرون بالقطر المصري فيلقون إكراما وعناية واحتراما من رجالنا العموميين، ومن هؤلاء ضياء الدين أحمد الذي مر بمصر في سنة 1907 وغيره، وكان بعض العظماء أمثال أبو الكلام والسهروردي وسير شافعي وبعض رجال حيدرآباد الدكن يمرون بمصر فيكرمون على اعتبار أنهم مسلمون. ولم تكرم مصر هنديا وثنيا على اعتبار أنه وطني قبل برمشاور لال المحامي الهندوكي البنغالي الذي زار مصر في سنة 1908، وكان من أهل النبوغ والفطنة والإخلاص لوطنه وللشرق.
ولم يكن جميع المصريين قاطبة ما عدا أفرادا يعدون على أصابع اليد الواحدة يعلمون أي شيء عن الحركة الهندية قبل سنة 1909 عندما اتصل بعضهم ببعض زعماء الهنود الذين كانوا يجاهدون في سبيل وطنهم في أوروبا، أمثال كريشنا ڤارما بلندن وباريس ومدام كاما بباريس وجنيڤ وساڤاركار بلندن وباريس، وهارديال وشاتوبادايا.
अज्ञात पृष्ठ