47

صناعة بغير عنوان أو عنوان بغير جهة ... ومن هذا التيه بين البيئات تعرف ما يحيط به من القلق، أو من «التوزع» والبعثرة بين مختلف الشواغل والهموم ...

إلا أننا نبرئ الذمة قبل ختام هذه الفاصلة من المذكرات، فنسأل: أكانت الصحافة حقا عارضا غريبا كل الغربة في المجتمعات المصرية والشرقية؟ أيمكن أن توجد صناعة في مجتمع من المجتمعات دون أن تسبقها صناعة مشابهة لها، قائمة على أساسها؟

أكاد أقول: إن وجود هذه الصناعة مستحيل، فلا بد من صحافة قبل الصحافة على صورة من الصور، ولا بد من صحفيين قبل الصحفيين ...

وللصحفي في المجتمع المصري أب أو جد من لحمه ودمه، ومن طبيعته وصناعته، فمن يكون هذا الأب أو هذا الجد الذي ننتمي إليه أجمعين نحن معاشر الصحفيين؟

هو «اللبيب» على أحسنه وأعلاه، وعلى أسوئه وأدناه ... اللبيب الذي يعلو حتى يتبوأ مكان الواعظ المسموع والمستشار المعول عليه، والمعلم الذي يصغي إليه المتعلم المستفيد، كما يصغي إليه «الفهيم» المعجب بسحر الكلام وفتنة البلاغة ... اللبيب الذي يهبط حتى يصدق عليه وصف «الثرثارة» أو «الأدباتي» الذي يفهم بالإشارة، ولا يتورع عن الحيلة في طلب الرزق المباح والمحظور، ولا يبالي ما يصيبه في سبيله من الزراية والابتذال ...

اللبيب هو «جد» الصحفي في المجتمع المصري، على أسوئه وأدناه، وعلى أحسنه وأعلاه.

أزمة قلم

تعطيل «الدستور»

بقيت في تحرير صحيفة «الدستور» حتى فرغنا من كتابة الكلمة الأخيرة في عدده الأخير ...

وقد مضت علينا قبل احتجابه أشهر، ونحن نعلم أننا نكتب أعداده الأخيرة، وإن كنا لا نعلم أيها يكون الأخير الذي ليس بعده أخير ...

अज्ञात पृष्ठ