मसीह का जीवन
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
शैलियों
ومنذ استحكمت النبوة بينه وبين الجامدين والمتعصبين قلت وصاياه التي يخص بها «الأمة»، ويفردها بين الأمم، وكثرت في وصاياه الآداب الإنسانية التي يستحق بها الإنسان ملكوت السماوات، فردا فردا، كائنا ما كان شأن الأمة التي ينتمي إليها، وفهم السامعون من الملكوت أنه حق لمن يقصده من بني الإنسان أجمعين.
غير أن ملكوت السماوات لا يفهم على صورة واحدة من روايات الأناجيل المتعددة، بل لا يذكر بلفظ واحد في جميع الأناجيل، فإن مرقس ولوقا يذكرانه باسم ملكوت الله، ومتى يذكره باسم ملكوت السماوات، ويتفق أحيانا أن يذكر في جميع الأناجيل باسم ملكوت ابن الإنسان.
كذلك يبدو من بعض الأقوال أنه حاضر على الأبواب، وإن من الأحياء السامعين من لا يذوق الموت حتى يرى ابن الإنسان آتيا في ملكوته (16 متى).
ويبدو من أقوال أخرى أن المدى بعيد، وأن الضلال في دعواه طويل الأمد: «لا يضلنكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي فيضل بهم كثير، وسوف تسمعون بحروب وأنباء، ولا يحين الحين بعد، بل تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتحدث مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن شتى، وهذه كلها بوادر الأوجاع، ويسلمونكم يومئذ إلى الضيق فتقتلون، وتبغضكم جميع الأمم في سبيلي، ثم يأتي أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين، وتفتر محبة كثيرين، ولكن الصابرين إلى المنتهى ينجون، وينادى ببشارة الملكوت هذه في أنحاء المسكونة شهادة لجميع الأمم» (24 متى).
وأحيانا يأتي الكلام عنه كأنه قريب، ولكنه مفاجئ مجهول الموعد: «اسهروا إذن؛ لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم، ولو عرف رب البيت في أي هزيع يأتي السارق ما سرق، فاستعدوا أنتم كذلك؛ لأنه في ساعة لا تخطر لكم يأتي ابن الإنسان.»
ومن النبوءات ما يقول إن ابن الإنسان نفسه لا يعلم باليوم والساعة (13 مرقس)، وإن بوادره وشيكة أن تظهر في هذا الجيل.
ويشار إلى الملكوت أحيانا بمعنى مشيئة الله وأوامره وفرائضه: «اطلبوا أولا ملكوت الله وبره» (6 متى)، «وقد أعطى لكم أن تعرفوا ملكوت السماوات» (13 متى).
وأحيانا يطلق على الرسالة التي يتعلمها التلاميذ من السيد المسيح: «أجعل لكم ملكوتا كما جعل لي أبي.» ويقول لوقا: «إن التلاميذ والأتباع كانوا يحسبون والسيد المسيح ذاهب إلى بيت المقدس أن ملكوت الله عتيد أن يظهر في الحال» (19 لوقا).
وقد رأينا في كتب التعليقات والتفسيرات أن هذه الصفات المتعددة تستغرب وتثير البلبال بين ذوي الآراء، كأنها أمر غير منتظر في تقديرهم، وهي في اعتقادنا أقرب شيء إلى البداهة وطبائع الأمور.
فيجب أن نقدر أولا أن السيد المسيح قد أشار حتما إلى الملكوت الذي يفهم كل سامع أنه هو العالم الآخر، وأنه يأتي في نهاية هذا العالم، وأنه إذا أشار إلى ذلك الملكوت رجع السامعون بالبداهة إلى النبوءات التي جعلت له علامات، وإلى كلام المفسرين والمترقبين الذين قرنوا تلك العلامات بنهاية الألف الرابعة، أو نهاية الألف السادسة، واختلفوا هل يأتي المسيح المرتقب ثم تعود، أو ينتهي العالم الأرضي بمجيئه، ولا يكون مرجعه بعد ذلك في هذا العالم الأرضي المعهود؟!
अज्ञात पृष्ठ