मसीह का जीवन
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
शैलियों
ويحسن بنا على الجملة أن نذكر أن السيد المسيح لم يقصد إقامة مجتمع في مكان مجتمع. ولكنه قصد إلى تهذيب آداب إنسانية يعتصم به ضمير الفرد وضمير الأمة، وأقامها على أساس واضح في وصايا متعددة لا تضارب بينها.
فالجسم أفضل من الطعام واللباس.
والإنسان أفضل من السبت.
وغنيمة النفس أربح من غنيمة العالم.
ومملكة الضمير في قرارة كل إنسان أبقى من ممالك العروش والتيجان.
وبساطة الإيمان أصلح من حذلقة العلماء والحفاظ، ولولا هذه الحذلقة لما استعصى على أحد أن يفهم ما يسمع من وصايا السيد المسيح، وما جرى مجراها في كل زمن، فمن دأب الحذلقة على الدوام أن تجتهد لكيلا تفهم، وليس من دأبها أن تجتهد مرة لكي تفهم، وعندها في كل آونة سبب لتعطيل كل فهم، وسبب لتعطيل كل عمل، وسبب للظهور يصرفها آخر الأمر عن بواطن الأمور. وهذه الحذلقة التي حالت بين المتحذلقين قديما، وبين كل عمل بكل وصية، فليس عندها مستمع لنبي ولا لحكيم.
إن الحذلقة هي التي أبت أن تفهم حين قال القائل: إن العصفور المبكر يجد الدودة قبل غيره. أفليس في هذا الكلام شيء يفهمه السامع؟ بلى، وفيه نصح لمن يريد أن يسمع ويعمل، ولكن الحذلقة هي التي قالت في جواب تلك النصيحة: إن الدودة لو لم تبكر قبل العصفور لما أكلها العصفور.
إن الحذلقة تقول هذا؛ لأنها لا تعمل، فهل تراها كسبت شيئا حين خسرت العمل؟ كلا! فإن سخريتها تستقيم إذا كان التأخير أسلم للدود من التبكير، ولكنهما يستويان على الأقل، إن لم يكن التأخير خليقا أن يعرض الديدان لمئات المناقير، ومئات العيون، بدلا من فرد منقار، وفرد عين!
كذلك يقول السيد المسيح: من طلب منك رداءك فأعطه قميصك مع الرداء، فتقول الحذلقة: ولماذا يحق للطالب أن يملك القميص والرداء معا، ولا يحق لمن يعطيهما أن يحتفظ بهما في حوزته؟!
أفليس في قول السيد المسيح ما يفهم؟ بلى، فيه ما يفهم، وما يصحح فهما على ضلال، ولكن الحذلقة لا تريد أن تفهم، ولا أن تعمل، ولا تريد إلا ظهورا «على حساب» الفهم والعمل، كما يقولون. ولولا ذلك لما غاب عنها أن الجديد في الأمر هو امتحان المعطي الذي يقتدى به في الإحسان، وإن طالب الرفد لا خلاف عليه، ولا على قيمة عمله من الفضيلة، وإنما الخلاف الذي يحتاج إلى جديد هو قيمة الإعطاء من فضيلة السماحة والإيثار.
अज्ञात पृष्ठ