السير هدسن لو.
ومني نابوليون بالإسهال والدوسنطارية، فقلق مندوبو الحلفاء وطلبوا من هدسون أن يسمح لهم بمقابلته فأبى.
وتحسنت صحته بعد ذلك فمضت عليه أسابيع دون أن يشكو ألما، ثم عاودته الأعراض بشدة من ورم ووجع وعسر بول، وكان مقر الألم في الجانب الأيمن من المعدة وفي الكتف اليمنى يصحبه أحيانا خفقان القلب الشديد، فشخص أوميرا التهابا في الكبد، ولم يحاول إخفاء رأيه عن عليله، بل ترك الفكرة تتسرب إليه شيئا فشيئا وهو يعالجه بالمسهلات والمقرفات وحمامات البحر، ولما رأى نابوليون أن كل هذه الوسائل لم تجد نفعا بدأ الحزن يفعل فيه والخمول يتسلط عليه، فعاف الكتابة والتأليف، وصار يميل إلى الوحدة، وتمشى التعب في مفاصله، والانحلال في أعصابه، وأصبح لا حديث له إلا الموت، فكان يقول لمونتولون: «أنتظر الموت صابرا فهو منقذي الوحيد من هذا العذاب.»
الدكتور أنتومارشي.
وكان الجفاء قد بلغ حده الأقصى بين أوميرا وهدسون؛ لأن الطبيب أبى أن يكون جاسوسا للحاكم، فجاء ذلك ضغثا على إبالة؛ لأنه أفضى إلى عزل أوميرا ووضعه تحت المراقبة ثم تسفيره سنة 1818، وصار نابوليون في حيرة شديدة؛ فإما أن يقبل الأطباء الذين يعينهم سجانه، وإما يبقى بلا معونة طبيب، وكانت أوجاعه تتزايد يوما بعد يوم، وقد خفت فيه شهوة الأكل، وساورته فكرة الخوف من أن يموت مسموما فامتنع عن كل دواء، وصار مونتولون يقضي الليالي إلى جانبه مواسيا ومعزيا، فيضع الكمادة الساخنة على معدته، وهو يشهد عن كثب دبيب الداء ، ويرى آثار فتكه في اصفرار الإمبراطور وهزاله، وفي عينيه الغائرتين ورجليه اللتين لم تعودا قادرتين على حمله.
نابوليون يفلح الأرض في منفاه.
قبر نابوليون في جزيرة القديسة هيلانة.
وبقي على هذه الحال بدون معالجة من شهر يوليو سنة 1818؛ أي منذ سفر أوميرا إلى يناير سنة 1819، وكلما عرض عليه هدسون لو طبيبا رفضه نابوليون بحجة أنه ضعيف مضطهد فلا تكون تقاريره صادقة إلا بقدر ما ترضي الإنكليز. كان هدسون يقول: إذا كان بونابرت لا يقبل من أعينه من الأطباء فلأنه متمارض ويخاف أن تكشف حيلته.
وفي ذات يوم أصابت العليل نوبة شديدة غاب فيها عن الوعي، فاختار أصحابه طبيبا من بين الأربعة الذين عرضهم «لو»، وهو الدكتور ستوكه مفتش البحرية الملكية، وأرسلوا في طلبه مستعجلين، فلما وصل كانت النوبة قد زالت واستولى على المريض نوم الراحة، فلم يتسن له أن يراه، ولكن برتران حادثه حينا وعرض عليه أن يقوم مقام أوميرا بمعالجة مولاه، فأبى خوفا من أن يصيبه ما أصاب زميله من اضطهاد الحاكم، ثم لان بعد اللتيا والتي وقبل تولي هذه الوظيفة.
دوق ريشتاد (ابن نابوليون).
अज्ञात पृष्ठ