للوجود المطلق اسم، فظهرت الموجودات في الخلق كما كانت في عدمها ثابتة لم تنتقل ولم تتغير، بل هي الآن كما كانت فيه علما وثبوتا، فهي الآن فيه وجودا، وهو الجامع لها. يدل عليه قوله: وان التفرقة والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة ، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود. ومثال الآخر : تكرر الكلام، وتكرر الأمثلة لتظهر هذه الشبهة التي قد فتن بها كثير من السالكين ، واغتر بها كثير من الجاهلين ؛ أوعية مختلفة الأشكال مثل مثلثه ومربعه ومخمسه ومسدسه ومسبعه ومثمنه مثلا أفاض عليها ماء، فإن الماء يتشكل على شكل كل إناء، يكون في المثلث مثلثا، وفي المربع مربعا، وهلم جرا. وهذا المثل إنما يستقيم من حيثية الاستعداد الكائن في الأشكال المختلفة لا من حيثية الوجود ؛ لأن الوجود سبب لظهور الأشكال التي هي محل الوجود، لأنها كانت ثابتة في العدم، والوجود هو الذي أظهرها بفيضه عليها، لكن نقول من حيثية استعداد كل محل، فكذلك عنده وجود الحق لما أفاض على الماهيات تشكلت كل ماهية بوجودها بحسب استعدادها وقبولها. فأفهموا ذلك - معاشر الألباب - تنحل عنكم شبهة هؤلاء الزنادقة القرامطة الذين مذهبهم هذا المذهب الخبيث، وهو عين مذهب النصيرية والإسماعيلية ، لكن تختلف فيه العبارات والإشارات، والمقصود شيء واحد، وبالله المستعان.
पृष्ठ 48