الحديث والفقه، فتأثر بوالده فنشأ محبًّا للعلم، حريصًا عليه، مشتغلًا بطلبه، فكان من ثمرة ذلك: أن "حفظ المقنع" وغيره من المتون في مختلف العلوم على والده، ولازم والده ملازمة تامة حفظًا، وقراءة، وبحثًا (١).
كما أنه لم يقتصر على التفقه في مذهب الإمام أحمد ﵀، بل أخذ عن أصحاب المذاهب الأخرى -كما ذكر ذلك الشعراوي عنه- فاتسعت بذلك دائرة مشايخه، وازداد بذلك عمقًا في الفقه، وكان له أثر في نبوغه وتفوقه (٢).
والمطلَّع على ما حرره من مختصرات، وما سطره من شروح، وما كتبه من مؤلفات، يجد أنه من الفقهاء المدققين، والأصوليين البارعين الملمين بعلم السنة والعربية.
فكتابه: "منتهى الإرادات" جمع فيه بين "المقنع" و"التنقيح" وزاد عليهما بعض المسائل، فالجمع بين هذين الكتابين الكبيرين ليس هينًا، بل لابد من فهم تام لما يحتويان عليه من دقيق المسائل، وما يكتنفانه من إشارات وتنبيهات، ومن معرفة في علم العربية وأسالبيها البلاغية.
كما أن زيادة المسائل التي -لا توجد فيهما- دليل على سعة اطلاع وتبحر في فقه المذهب.
وأيضا شرحه: "الكتاب المنتهى"، وتحليل ألفاظه، وفك غموضه، والاستدلال للمذهب بالكتاب والسنة والآثار والإجماع والمعقول، وذكر الروايات المتعددة عن الإمام، والأقوال الأخرى عن الأصحاب يدل على إطلاع في العربية، وعلم الرواية والسنة، والتبحر في الفقه، ومعرفة بأقوال الأصحاب، وروايات الإمام.
_________
(١) السحب الوابلة (٢/ ٨٥٤).
(٢) السحب الوابلة (٢/ ٨٥٨).
مقدمة / 29