كأن انفصل من رأسه وتقاطر على فخذه صار مستعملا وقد عرفت أن الكلام فيما لا يغلب إليه التقاذف وإلا فهو عفو قطعا، نبه عليه الإمام ونقله عنه الإسنوي في المهمات ونقل كل ذلك الشيخ عميرة على المحلي.
(قوله: وقيل لا يضر انفصاله) أي: لا يضر انفصاله عنه بالكلية ثم عوده إليه فيما لا يغلب فيه التقاذف وكان لا عن قصد. قال الإمام: وأما التقاذف النادر فإن كان عن قصد فهو مستعمل وإن اتفق بلا قصد لم يمتنع أن يعفى عنه فإن الغالب على الظن أنه كان يقع مثل هذا للأولين ولم يقع عنه بحث من سائل اه. هذا واعترض الشيخ عميرة على الشارح وقال: إن الذي في التحقيق تصحيح الأول؛ لأن عبارته: وبدن جنب كعضو محدث. وقيل: لا ويضر انفصاله إلى باقي بدنه فقوله: ويضر انفصاله من تتمة الوجه الثاني. وفي بعض النسخ إسقاط الواو من ويضر وهي الواقعة للإسنوي وتبعه الشارح والكلام عليها غير منتظم لما يلزمه من اتحاد الوجه الأول والثاني حينئذ؛ لأن معنى قوله: وبدن جنب كعضو محدث. أن الانفصال من بعضه إلى بعض لا يضر كما لا يضر في العضو الواحد اه. وقد عرفت توجيه كلام الشارح وأن صورة المسألة أن الماء فارق البدن بالمرة ثم عاد إليه كما نبه عليه الإسنوي والزركشي وابن الرفعة وأن الكلام فيما لا يغلب فيه التقاذف كما نبه عليه الإمام وحينئذ فحاصل القول الأول أن الماء إذا فارق بدن الجنب ثم عاد إليه فيما لا يغلب فيه التقاذف صار مستعملا كماء العضو الواحد. وحاصل القول الثاني أنه لا تضر هذه المفارقة في بدن الجنب لما مر في كلام الإمام ولأن الانتقال في الغسل كله غالب ففرق بين عضو الوضوء وبدن الجنب في الانتقال إلى ما لا يغلب إليه التقاذف وبه تعلم دقة نظر الشارح وأن ما قاله الشيخ عميرة تبعا لحجر في شرح العباب من التحامل بمكان والعجب من نقله تقييد المسألة بالانفصال إلى ما لا يغلب إليه التقاذف مع حكمه باتحاد الوجهين ومن جعله معنى قوله: وبدن جنب إلخ ما ذكره مع مقابلته بقوله: وقيل لا يضر. المقتضية لأن يكون معناه أنه كعضو المحدث في ضرر الانتقال اه.
(قوله: نعم ما يغلب فيه التقاذف إلخ) ضبطه بعضهم بما لا يتأتى الاحتراز عنه وجزم به في الجواهر أخذا من كلام الإمام وقد مر وقال حجر في الإيعاب: يتجه ضبطه بما يغلب فيه الانتقال على الاتصال مع اعتدال الهواء والمزاج والزمن كالمنتقل إلى موضع الغرة والتحجيل؛ لأن موضعهما موضع طهارته تلك استحبابا فهو محلها فلم يعد منفصلا حكما بخلاف المجاور لمحلهما فإنه ليس موضع تلك الطهارة لا وجوبا ولا استحبابا فيكون منفصلا حكما فثبت له الاستعمال وإن انتقل على الاتصال. اه.
(قوله: ولم يغير لونه) أي: الكل أما إذا تغير لون بعضه أو طعمه أو ريحه فلا يضر استعمال ما لا تغير فيه وإن لم يبلغ قلتين والفرق بينه وبين ما تغير بعضه بالنجاسة ظاهر. اه. إيعاب. (قوله: بحيث يحدث اسمه) قال الرافعي - رحمه الله -: كان اسم الماء عريا عن الإضافات غير موضوع للحقيقة المشتركة بين الماء وماء الزعفران مثلا بل لما لا يتفاحش تغير صفاته الأصلية اه.
لكن يلزم أن يكون التفاحش بمستغنى عنه اه. (قوله فيما مر ما يغلب فيه التقاذف إلخ) ضبطه حجر بما يجري إليه الماء على الاتصال وهو مأخوذ مما مر عن الإمام اه. (قوله: يحدث اسمه) بأن يسمى باسم آخر أو يضم لاسمه قيد رشيدي. (قوله: أي: اسم له) أشار به إلى أن ليس المراد اسمه السابق. (قوله: بتقدير) وقيل لا يقدر بل إن غلب الماء فطهور أو المخالط فلا لكنه خاص بالطاهر. (قوله: في أحد الأوصاف) إشارة إلى كيفية التقدير وهو أنا نفرض مغيرا للون مثلا فإن حكم بتغيير حكم بسلب الطهورية وإلا فرض مغير الطعم وهكذا ولا حاجة إلى فرض الثلاثة معا.
(قوله: ما يوافقه فيها) يفيد أنه إذا وافق في بعضها وخالف في البعض الآخر لا تقدير وهو ظاهر إذ من البعيد أنه إذا وقع في الماء ملح جبلي مثلا باقي الطعم ولم يغيره بطعمه الذي ليس له إلا هو، في الواقع أنا نفرض له لونا أو ريحا مخالفا إذ ليس له وصف مفقود من شأنه الوجود حتى نقدر بدله ثم إن تقدير الأوصاف الثلاثة بدل عن المفقود الذي كان من شأنه الوجود
पृष्ठ 23