ولكنك من أبناء حارتنا؟ - ما عشت فيها إلا منذ قريب. - كليب السماني من رجال فتوتنا قنصوه. - تشرفنا يا معلم.
وتفحصه مليا، ثم سأله: تنضم إلينا؟
فقال عاشور بلا تردد: لا قلب لي على ذلك.
فضحك كليب ساخرا ومضى وهو يقول: جسم ثور وقلب عصفورة!
وكان يرى حمير المعلم زين الناطوري وهي ترابط في الحظيرة عقب يوم طويل في قضاء المشاوير، يتطوع بتنظيفها وتقديم العلف لها وكنس الفناء ورشه على مرأى من المعلم، ثم يذهب دون أن يسأله شيئا.
وذات يوم ناداه المعلم زين وسأله: أنت صبي المرحوم الشيخ عفرة زيدان؟
فأجاب بخشوع: نعم، رحمه الله رحمة واسعة. - بلغني أنك رفضت الانضمام لرجال الفتوة قنصوه؟ - لا مأرب لي في ذلك.
فابتسم المعلم وعرض عليه أن يعمل عنده مكاريا، ومن فوره قبل وقلبه من الفرحة يرقص.
ومضى بحماره متحمسا لعمله بكل قواه وحيويته، وكلما مضى يوم اطمأن المعلم إلى سلوكه وأدبه وتقواه، وأثبت عاشور بدوره أنه أهل للثقة.
وكان وهو يعمل في فناء البيت يتجنب النظر إلى الناحية التي يحتمل أن يلمح فيها زوجة المعلم، ولكنه رأى ابنته زينب وهي ذاهبة إلى الطريق فخانه طرفه لحظات خاطفة ولكنها جديرة بالندم. وتفشى الندم أكثر عندما اجتاحته شعلة ألهبت الصدر والجهاز الهضمي واستقرت في الجوهرة الحمراء المشعة للرغبة الجامحة. غمغم وهو ثمل بنشوة دسمة نهمة: ليحفظنا الله!
अज्ञात पृष्ठ