وظل على الأيدي تساقط نفسه
ويذوي كما يذوي القضيب من الرند
لقد أنجزت فيه المنايا وعيدها
وأخلفت الآمال ما كان من وعد
لقد قل بين المهد واللحد لبثه
فلم ينس عهد المهد أو ضم في اللحد
1
يا أمل خبا، ورجاء أفل، ونعمى مسلوبة، وعبرة تأسر العبرة، وفرصة قد سرحها الحادث الجلل، وآية أودى بها الموت قبل أن تنصر اليقين. أي أخي قد جرى بك القدر في مزلقه، والقدر مطية شموس إذا أسلسلت أسعدت، وإذا جمحت أهلكت، يا زهرة علها ماء الشباب. أية ريح غدرت بك، ويا قادمة النسر أي عائق عاقك عن بلوغ شأوك إلا بعد ومرماك النائي.
حدث كل هذا والمرأة مطلقة عبراتها، ولا ملجأ للمحزون خير من البكاء، ولولا أن الشقاء كان عقيدها من ليلة زفافها، لفعلت ما لم تفعل، ولأثارت الأصداء من مكامنها، ولطمت ذلك الوجه الواهن الحر، ولكن الحزن يدفع الحزن، كما أن الخط في القرطاس يعفي على الخط ... فتح الباب فجاءة، ودخل منه رجل بادن أحمر العين، غائر الخد، يتصبب العرق من وجهه وثيابه، يتمايل تمايل الغصن اللدن، تهزه الريح الهوجاء.
فلما رأته المرأة أبلدها الخوف قليلا، ثم ارتعشت وكأنما دار بخلدها ما كان يحاوله ذلك الفاقد العقل، فوقفت أمام سرير ابنها، فتقدم نحوها زوجها، وقال: قولي للغلام أخلي الفراش. قالت: إنه لا يسمع ما أقول. قال: أنا أسمعه ولو كان ميتا. قالت: إنه لكذلك، قال: فإني أحييه، فأخلي لي السبيل إليه. قالت: كلا، لا أتنحى ما دام في رمق، فوثب عليها زوجها، ولكنها تماسكت، ودفعته عنها دفعة ألقته على الأرض، فقام مغضبا، ووضع يده في ثيابه، فأخرج منها خنجرا، ثم وثب ثانية عليها، وطعنها في صدرها طعنة دانت بينها وبين الأرض، ثم بادر نحو الفراش، فأخذ الغلام بين يديه، وقذف به ناحية من المكان، ثم ارتمى على السرير.
अज्ञात पृष्ठ