हाबरमस मुकद्दिमा क़सीरा
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
ورغم أن ذلك ليس واضحا من أول وهلة، فإن أخلاقيات الخطاب امتداد، بسبل مختلفة تماما، للبعد الأخلاقي الضمني المهمل عادة في النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت. كتب أدورنو في كتابه «الجدل السلبي» عن «أمر قطعي جديد» فرضه هتلر على البشرية؛ ألا وهو «أن ينظموا أفكارهم وأفعالهم بحيث لا يتكرر ما حدث في معسكر أوشفيتس مجددا، وألا تقع أي حادثة شبيهة قط.» إن السبب وراء إهمال الأهمية الأخلاقية لفلسفة أدورنو، رغم مثل هذه التصريحات، هو أنه ينكر احتمالية العيش بنزاهة في خضم ما يطلق عليه اسم «الوجود المتضرر». بعد حادثتي معسكر أوشفيتس وهيروشيما، لم يعد بالإمكان أن نحيا حياة هانئة أو نتصرف بشكل أخلاقي وبضمير مستريح. وأفضل ما يمكن أن يفعله المرء هو مقاومة الخسائر التي تحدثها الثقافة الجماهيرية (مقاومة ما يعرف أحيانا، بطريقة مبسطة، باسم «التبسيط»)، ورفض مسايرة الخلقية التقليدية، والتكيف مع المعايير الاجتماعية؛ ولذا، مهما كان هذا الأمر الأخلاقي واضحا وجليا، فثمة هالة من المفارقة تحيط به. «التعلم من الكوارث» واحدة من الأفكار الأساسية في أعمال هابرماس. فقد عاصر هابرماس - شأنه شأن أدورنو - الفترة النازية وتبعاتها؛ والمثل أو، إن شئنا مزيدا من الدقة، المحصلة الأخلاقية التي أعرب عنها أدورنو في أمره القطعي الجديد؛ محورية فيما يتعلق بفلسفة هابرماس الأخلاقية والسياسية. الفارق أن هذه المحصلة الأخلاقية لدى هابرماس لها تداعيات أخلاقية واجتماعية (وكذلك تداعيات سياسية، كما سيتبين لنا لاحقا)؛ فمنع تكرار وقوع ما حدث في معسكر أوشفيتس أو ما شابهه يعني الحفاظ على العالم المعيش، وخلق ظروف يندمج بموجبها الأفراد اجتماعيا في الخلقية ما بعد التقليدية، ويشيدون نظاما اجتماعيا على أساس معايير صحيحة بالدليل القطعي. (1) الخطاب الأخلاقي والوظيفة الاجتماعية للخلقية
في هذا الفصل، ينصب تركيزي على نظرية الخطاب الخلقي وفكرة الخطاب الخلقي. لا تجيب نظرية الخطاب الخلقي، وهو الغريب بالنسبة لنظرية خلقية معيارية واجباتية، عن سؤال «ماذا ينبغي أن أفعل؟» بل تهدف إلى كشف الستار عن الظروف التي يستطيع في ظلها الفاعلون الأخلاقيون الحداثيون الإجابة بنجاح عن السؤال بأنفسهم. يمكن فهم نظرية هابرماس الأخلاقية باعتبارها تفسيرا لما يعنيه طرح ادعاء صحة سليم بالصواب. إلى هذا الحد، تعتبر هذه النظرية نظرية براجماتية لمعنى الكلام الملفوظ الأخلاقي. لكن اهتمام هابرماس بعلم الدلالة الأخلاقي ثانوي. فهدفه الأساسي هو معرفة كيف يمكن لنظرية أخلاقية أن تساعد في الإجابة عن الأسئلة التي تطرحها نظريته الاجتماعية. وهو معني في المقام الأول بأسئلة من قبيل: ما المبادئ الأساسية الكامنة وراء الخلقية؟ وكيف يمكننا تأسيس معايير أخلاقية صحيحة؟ وما الوظيفة الاجتماعية لها؟ إجابته هي أنه في المجتمعات الحديثة، تحل المعايير الخلقية الصحيحة الصراعات بين الفاعلين، وتجدد مخزون المعايير المشتركة.
بحسب هابرماس، المعايير قواعد سلوكية عادة ما تتخذ الشكل النحوي للأوامر، مثل «لا تسرق». وتعمل المعايير الصحيحة (أو المبررة) على تنسيق أفعالنا في العالم المعيش واستقرار توقعاتنا المتعلقة بسلوك الآخرين. وتساعد على جعل أفعال الآخرين متوقعة، وتخلق سبلا لفعل يخلو من الصراع.
إن فرضية نظرية هابرماس عن التطور الاجتماعي مفادها أن المجتمعات الحداثية هي مجتمعات ما بعد تقليدية. ويعتقد هابرماس، عندما تسير عملية الإدماج الاجتماعي على خير ما يرام، أن الفاعلين الأخلاقيين الناضجين يكونون بالمرحلة السادسة من مراحل كولبرج، وهي مرحلة الخلقية المنضبطة. ففي المرحلة السادسة، لا يرضى الفاعلون بالالتزام وحسب بالتوقعات الأخلاقية. قد يفعلون ذلك من خلال استشارة الكتاب المقدس، أو التماس نصيحة معلم حكيم، أو محاكاة سلوك أقرانهم. يعلم الفاعلون ما بعد التقليديين لم ينبغي أن يفعلوا ما ينبغي لهم فعله، ويتصرفون فقط استنادا إلى المبادئ التي يستطيعون تبريرها.
من وجهة نظر هابرماس، ينشأ الصراع عند رفض ادعاء صحة صواب شيء ما. ولذلك يغذي الموقف معيارا مرشحا من الخلفية الضمنية للعالم المعيش داخل الوسط الصريح للخطاب. سيشعر الفاعل بالإساءة بطريقة ما بسبب أفعال أو كلمات فاعل آخر، وسيواجه المسيء إليه بأن يطلب إليه تفسير أفعاله. وهناك عدة وسائل يمكن بها تسوية نزاع فعلي. تفيد أطروحة هابرماس بأنه بقدر ما يتسنى للفاعلين الالتجاء إلى الخطاب أو النقاش الأخلاقي، فإن غاية هذا الخطاب أو النقاش الأخلاقي إصلاح الرأب الذي شاب الإجماع بإرساء معيار للفعل يستطيع كل طرف من أطراف النزاع فهمه وقبوله. (2) بيان هابرماس للموقف الأخلاقي
من المفيد أكثر من أي شيء أن ننظر إلى حجة هابرماس بأكملها باعتبارها تنقسم إلى قسمين: بيان الموقف الأخلاقي، وتبريره. ويبدأ البيان بالظواهر الأخلاقية؛ بديهياتنا الأخلاقية اليومية. إنها حجة مسبقة. فهو ينطلق من مقدمات منطقية تجريبية محتملة الصحة، على سبيل المثال؛ أن الموقف الأخلاقي جزء من العالم الاجتماعي، وأن هناك معايير أخلاقية صحيحة. ثم تمحص الحجة شروط هذه الاحتمالية. إذا وجد موقف أخلاقي، فيجب أن يكون هناك مبدأ أو معيار للتمييز بين الاعتبارات الأخلاقية واللاأخلاقية، وهذا المبدأ يجب أن تحويه ممارساتنا الأخلاقية ضمنيا. ينطلق بيان هابرماس للموقف الأخلاقي على هذا النحو، وفي نهاية المطاف يميط اللثام عن مبدأين: مبدأ الخطاب، والمبدأ الأخلاقي. (2-1) مبادئ أخلاقيات الخطاب
ما السبب وراء وجود مبدأين لأخلاقيات الخطاب بدلا من مبدأ واحد؟ إنه سؤال جيد، لكن ليس لهابرماس إجابة قاطعة عليه. في النهاية، يصل هابرماس إلى وجهة النظر أن مبدأ الخطاب أوهن من المبدأ الأخلاقي وأقل منه جدلا، وأنه أمسى منطقيا بالفعل بمقتضى نظريته للتواصل. المبدأ الأخلاقي أقوى، ويجب إثباته بواسطة حجة تستفيد من مبدأ الخطاب كمقدمة منطقية.
إن النقطة المحورية في نظرية هابرماس هي أن الخطاب يمكن أن يقوم بوظيفته الاجتماعية والبراجماتية بشكل أفضل؛ لأنه عملية «ثنائية الحوار» تؤلف بين الناس في حجة هادفة. وتنطوي دوما عملية تبرير معيار ما على أكثر من شخص واحد؛ إذ إنها مسألة فيها شخص يجعل المعيار مقبولا لشخص آخر. ويقول هابرماس إن مبدأ الخطاب «يعبر وحسب عن معنى متطلبات التبرير ما بعد التقليدية.» وهذه لغة اصطلاحية للادعاء بأن مبدأ الخطاب يرصد حدس الفاعل الأخلاقي بأن المعايير الصحيحة يجب أن تحظى باتفاق على مستوى واسع. وتسمية «مبدأ الخطاب» مضللة بعض الشيء، ما دامت لا تجعل الفارق بينها وبين «المبدأ الأخلاقي» ظاهرا. فالمبدأ الأخلاقي مبدأ خطابي بالقدر نفسه. فيشير مبدأ الخطاب إلى «معايير الفعل»؛ أي المعايير بصفة عامة، بما في ذلك المعايير القانونية والأخلاقية . ويرتبط هذا المبدأ بالخطابات المعنية بالمعايير، لا الخطاب مطلقا. لا تنطوي الخطابات كلها على معايير، على سبيل المثال؛ فالخطابات النظرية والجمالية لا تنطوي على معايير. ربما كان من الأدق أن نطلق على مبدأ الخطاب مبدأ صحة المعايير عامة.
ينص مبدأ الخطاب على أنه:
لا يصح من معايير الفعل سوى تلك التي يمكن أن يوافق عليها جميع الأشخاص المتأثرين «باعتبارهم مشاركين في خطاب عقلاني». «بين الحقائق والمعايير»
अज्ञात पृष्ठ