फुतुह शाम
فتوح الشام
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الأولى ١٤١٧هـ
प्रकाशन वर्ष
١٩٩٧م
من المسلمين أن الحقوا به فلم يقدروا على ذلك لسرعة جواده قال فلما كلت الخيل عن ادراكه نظر أبو عبيدة إليه وظن إنه من الملائكة قد ارسله الله امامهم غير إنه نادى به الأمير أبو عبيدة على رسلك أيها الفارس المجد والبطل المكد ارفق بنفسك يرحمك الله فوقف الفارس حين سمع النداء فلما قرب أبو عبيدة من الفارس إذا هي أم تميم زوجة خالد بن الوليد ﵁ فقال لها أبو عبيدة: ما حملت على المسير امامنا فقالت: أيها الأمير إني سمعتك وانت تصيح وتضج بالنداء وتقول أن خالدا أحاطت به الأعداء فقلت أن خالدا ما يخذل أبدا ومعه ذؤابة المصطفى ﷺ إذ حانت مني التقاتة إلى القلنسوة المباركة وقد نسيها فأخذتها وأسرعت إليه كما ترى فقال أبو عبيدة: لله درك يا أم تميم سيري على بركة الله وعونه قالت أم تميم: كنت في جماعة نسوة من مذحج وغيرهم من نساء العرب والخيل تطير بنا طيرا حتى اشرفنا على الغبرة والقتال ونظرنا الاسنة والصوارم تلوح في القتال كأنها الكواكب وما للمسلمين حس يسمع قالت: فانكرنا ذلك وقلنا أن القوم قد وقع بهم عدوهم فعند ذلك كبر الأمير أبو عبيدة ﵁ وحمل وحملت المسلمون قال رافع بن عميرة فبينما نحن قد أيسنا من أنفسنا إذ سمعنا التهليل والتكبير فلم تكن إلا ساعة حتى أحاط جيش المسلمين بعسكر الكافرين ووضعوا السيوف من كل جانب وعلت الأصوات وارتفعت الزعقات قال مصعب بن محارب اليشكري فرأيت عبدة الصلبان وهم هاربون ورأيت خالد بن الوليد ﵁ وهو ثابت في سرجه متشوف إلى الأصوات من اين هي وإذا بفارس قد خرج من الغبار وهو يسوق فرسان الروم بين يديه ويهربون منه حتى أزاح من حولنا الكتائب والرجال فأسرع خالد بن الوليد إليه وقال من أنت أيها الفارس الهمام والبطل الضرغام فقالت: أنا زوجتك أم تميم يا أبا سليمان وقد أتيتك بالقلنسوة المباركة التي تنصر بها على أعدائك فخذها إليك فوالله ما نسيتها إلا لهذا الأمر المقدر ثم سلمتها إليه فلمع من ذؤابة رسول الله ﷺ نور كالبرق الخاطف.
قال الواقدي: وعيش عاش فيه رسول الله ﷺ ما وضع خالد القلنسوة على رأسه وحمل على الروم إلا قلب أوائلهم على أواخرهم وحملت المسلمون حملة عظيمة فما كان غير بعيد حتى ولت الروم الأدبار وركنوا إلى الفرار ولم يكن في القوم إلا قتيل وجريح واسير وكان جبلة أول من انهزم والعرب المتنصرة أثره فلما رجع المسلمون من اتباعهم اجتمعوا حول راية الأمير ابي عبيدة ﵁ وأتباعه وسلموا على الأمير أبي عبيدة ﵁ وعن المسلمين وشكروا الله على سلامتهم ونظر أبو عبيدة ﵁ إلى خالد بن الوليد وأصحابه وهم كأنهم قطعة ارجوان فصافحه وهنأه بالسلامة وقال لله درك يا أبا سليمان قد أشفيت الغليل وأرضيت الملك الجليل ثم قال الأمير أبو عبيدة ﵁ يا معاشر الناس قد رأيت أن نسير من وقتنا هذا ونغير.
1 / 116