يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له وقد كان الحق سبحانه(1) أوجد العالم كله وجود شبح مسوى(2) لا روح فيه فكان كمرآة غير مجلوة . ومن شأن الحكم الإلهي أنه ما سوى محلا إلا ويقبل (3) روحا إلهيا عبر عنه بالنفخ فيه؛ وما هو إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة لقبول الفيض التجلي (4) الدائم الذي لم يزل ولا يزال . وما بقي إلا قابل والقابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس . فالأمر (5) كله منه ، ابتداؤه وانتهاؤه وإليه يرجع الأمر كله"، كما ابتدأ منه. (3 -1) فاقتضى الأمر جلاءمرآةالعالم فكان آدم عين جلاء تلك المرآة وروح تلك الصورة، وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم وبالإنسان الكبير فكانت الملائكة له كالقوى الروحانية والحسية التي في النشأة الإنسانية . فكل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها ، وأن فيها ، فيما تزعم ، الأهلية لكل منصب عال. ومنزلة رفيعة عند الله ، لما عندها من الجمعية الإلهية مما (6) يرجع من ذلك إلى الجناب(7) الإلهي ، وإلى جانب حقيقة الحقائق ، و- في النشأةالحاملة لهذه الأوصاف-إلى ما تقتضيه الطبيعة الكلية التي حصرت قوابل العالم كله أعلاه وأسفله.
وهذا لا يعرفه عقل بطريق نظر فكري ، بل هذا الفن من الإدراك لا يكون الا عن كشف إلهي منه يعرف ما أصل صورالعالم القابلة لأرواحه. فسمي هذا المذكور
पृष्ठ 49