أدار الرجل عينيه ببطء، من الحصان إلى صاحبه، وكأنه يحتاج إلى بعض الوقت ليتأكد مما إذا كانت هذه الملاحظات موجهة إليه. وبعد ذلك، عندما لم يصبح لديه شك في هذه الحقيقة، قطب جبينه، ورد على دارتانيان بغير اكتراث، قائلا: «لم أكن أتحدث عنك!»
غضب دارتانيان أكثر من ذي قبل، من هذه السخرية، وقال: «ولكني أتحدث إليك.»
نظر إليه الرجل مرة أخرى، وعلى شفتيه شبح ابتسامة باهتة، وغادر النافذة. ولما غادر الفندق، تقدم نحو الحصان، وبينه وبين دارتانيان خطوتان.
واستأنف الرجل المجهول كلامه، قائلا: «من المؤكد، أو من المرجح أن هذا الحصان كان في شبابه أقحوانة برية صفراء!» وتوجه بكلامه إلى الرجلين اللذين كانا لا يزالان عند النافذة، متجاهلا دارتانيان تماما: «إنه لون معروف جيدا بين الزهور، غير أنه حتى الآن، نادر جدا بين الخيول.»
صاح الشاب: «هناك من يضحكون من حصان، ولكنهم لا يتجاسرون على الضحك من صاحبه!»
قال الرجل المجهول: «أنا لا أضحك كثيرا، يا سيدي، وربما تكون قد لاحظت ذلك، ورغم ذلك، فأنا أضحك عندما يحلو لي أن أضحك.»
صاح دارتانيان: «وأنا، عندما يحلو لي، لن أسمح لأي رجل بأن يضحك!»
واصل الرجل الوقور كلامه في هدوء: «أهو ذاك ، يا سيدي؟» واستدار ليدخل الفندق. «استدر! استدر أيها المهرج، وإلا ضربتك من الخلف!»
قال الآخر وهو يستدير وينظر إلى ذلك الشاب بدهشة وسخرية: «تضربني! لماذا، يا زميلي العزيز؟ لا بد أنك مجنون!» ثم أضاف بصوت خفيض، وكأنه يحادث نفسه: «هذه إساءة بالغة!»
ما كاد الرجل ينتهي من قوله هذا، حتى هجم عليه دارتانيان ثائرا، ولو لم يرتد الرجل إلى الخلف سريعا، لكانت هذه آخر مرة يمزح فيها. ولما رأى أن ذلك الشاب كان جادا حقيقة، استل سيفه ووقف في موقف استعداد. غير أنه، في هذه اللحظة عينها، خرج الرجلان اللذان كانا في الفندق، ومعهما صاحب الفندق، وانهالوا على دارتانيان ضربا بالهراوات. ولما استدار دارتانيان ليواجه وابل الضربات هذا، أعاد الرجل المجهول سيفه إلى غمده بهدوء. وبدلا من أن يشارك في القتال بحماس، وقف متفرجا.
अज्ञात पृष्ठ