फिसल फ़ी मिलल
الفصل في الملل والأهواء والنحل
प्रकाशक
مكتبة الخانجي
प्रकाशक स्थान
القاهرة
الْإِسْلَام لِأَن أَصْحَابه حكوا عَنهُ وُجُوهًا من الْكفْر مِنْهَا التناسخ والطعن على رَسُول الله ﷺ بِالنِّكَاحِ وَكَانَ من قَوْله أَن الله ﷿ نبأ أَنْبيَاء من كل نوع من أَنْوَاع الْحَيَوَان حَتَّى البق والبراغيث وَالْقمل وحجته فِي ذَلِك قَول الله تَعَالَى ﴿وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء﴾ ثمَّ ذكرُوا قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن الله ﷿ يَقُول ﴿لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل﴾ وَإِنَّمَا يُخَاطب الله تَعَالَى بِالْحجَّةِ من يَعْقِلهَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿يَا أولي الْأَلْبَاب﴾ وَقد علمنَا بضرورة الْحسن أَن الله تَعَالَى إِنَّمَا خص بالنطق الَّذِي هُوَ التَّصَرُّف وَمَعْرِفَة الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّف فِي الصناعات على اختلافها الْإِنْسَان خَاصَّة وأضفنا إِلَيْهِم بالْخبر الصَّادِق مُجَرّد الْجِنّ وأصفنا إِلَيْهِم بالْخبر الصَّادِق وببراهين أَيْضا ضَرُورِيَّة الْمَلَائِكَة وَإِنَّمَا شَارك من ذكرنَا سَائِر الْحَيَوَان فِي الْحَيَاة الْخَاصَّة وَهِي الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية فَعلمنَا بضرورة الْعقل أَن الله تَعَالَى لَا يُخَاطب بالشرائع إِلَّا من يَعْقِلهَا وَيعرف المُرَاد بهَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا﴾ وَوجدنَا جَمِيع الْحَيَوَان حاشا النَّاس يجْرِي على رُتْبَة وَاحِدَة فِي تصرفها فِي معايشها وتناسلها لَا يجْتَنب مِنْهَا وَاحِد شَيْئا يَفْعَله غَيره هَذَا الَّذِي يدْرك حسا فِيمَا يعاشر النَّاس فِي مَنَازِلهمْ من الْمَوَاشِي وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالطير وَغير ذَلِك وَلَيْسَ النَّاس فِي أَحْوَالهم كَذَلِك فصح أَن الْبَهَائِم غير مُخَاطبَة بالشرائع وَبَطل قَول ابْن حابط وَصَحَّ أَن معنى قَول الله تَعَالَى ﴿أُمَم أمثالكم﴾ أَي أَنْوَاع أمثالكم إِذْ كل نوع يُسمى أمة وَإِن معنى قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ إِنَّمَا عَنى تَعَالَى الْأُمَم من النَّاس وهم الْقَبَائِل والطوائف وَمن الْجِنّ لصِحَّة وجوب الْعِبَادَة عَلَيْهِم فَإِن قَالَ قَائِل فَمَا يدْريك لَعَلَّ سَائِر الْحَيَوَان لَهُ نطق وتمييز قيل لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق بقضية الْعُقُول وبديهها عرفنَا الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَبهَا عرفنَا الله تَعَالَى وَصِحَّة النُّبُوَّة وَهِي الَّتِي لَا يَصح شَيْء إِلَّا بموجبها فَمَا عرف بِالْعقلِ فَهُوَ وَاجِب فِيمَا بَيْننَا نُرِيد فِي الْوُجُود فِي الْعَالم وَمَا عرف بِالْعقلِ أَنه محَال فَهُوَ محَال فِي الْعَالم وَمَا وجد بِالْعقلِ إِمْكَانه فَجَائِز أَن يُوجد وَجَائِز أَن لَا يُوجد وبضرورة الْعقل والحس علمنَا أَن كل واقعين تَحت جنس فَإِن ذَلِك الْجِنْس يعطيهما اسْمه وَحده عَطاء مستويًا فَلَمَّا كَانَ جنس الْحَيّ يجمعنا مَعَ سَائِر الْحَيَوَان استوينا مَعهَا كلهَا اسْتِوَاء لَا تفاضل فِيهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ اسْم الْحَيَاة من الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية وَهَذَا المعنيان هما الْحَيَاة لَا حَيَاة غَيرهمَا أصلا وَعلمنَا ذَلِك بِالْمُشَاهَدَةِ لأننا رَأينَا الْحَيَوَان يألم بِالضَّرْبِ والنخس وَيحدث لَهما من الصَّوْت والقلق مَا يُحَقّق ألما كَمَا نَفْعل نَحن وَلَا فرق وَلذَلِك لما شاركنا وَالْحَيَوَان جَمِيع الشّجر والنبات فِي النَّمَاء اسْتَوَى جَمِيع الْحَيَوَان فِيمَا اقْتَضَاهُ اسْم النمو من طلب الْغذَاء واستمالته فِي المتغذى بِهِ إِلَى نَوعه وَمن طلب بَقَاء النَّوْع مَعَ جَمِيع الشّجر والنبات اسْتِوَاء وَاحِدًا لَا تفاضل فِيهِ وَلما شاركنا وَجَمِيع الْحَيَوَان وَالشَّجر والنبات وَسَائِر الجمادات فِي أَن كل ذَلِك أجسام طَوِيلَة عريضة عميقة جَمِيع الأجرام اسْتَوَى كل ذَلِك فِيمَا
1 / 69