फिसल फ़ी मिलल

इब्न हज्म d. 456 AH
60

फिसल फ़ी मिलल

الفصل في الملل والأهواء والنحل

प्रकाशक

مكتبة الخانجي

प्रकाशक स्थान

القاهرة

الله ﷺ بِنَقْل الكواف الَّتِي نقلت نبوته واعلامه وَكتابه أَنه أخبر أَنه لَا نَبِي بعده إِلَّا مَا جَاءَت الْأَخْبَار الصِّحَاح من نزُول عِيسَى ﵇ الَّذِي بعث إِلَى بني إِسْرَائِيل وَادّعى الْيَهُود قَتله وصلبه فَوَجَبَ الْإِقْرَار بِهَذِهِ الْجُمْلَة وَصَحَّ أَن وجود النُّبُوَّة بعده ﵇ بَاطِل لَا يكون الْبَتَّةَ وَبِهَذَا يبطل أَيْضا قَول من قَالَ بتواتر الرُّسُل وَوُجُوب ذَلِك أبدا وَبِكُل مَا قدمْنَاهُ مِمَّا أبطلنا بِهِ قَول من قَالَ بامتناعهما الْبَتَّةَ إِذْ عُمْدَة حجَّة هَؤُلَاءِ هِيَ قَوْلهم إِن الله حَكِيم والحكيم لَا يجوز فِي حكمته أَن يتْرك عباده هملًا دون إنذار قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَقد أحكمنا بحول الله تَعَالَى وقوته قبل هَذَا أَن الله تَعَالَى لَا شَرط عَلَيْهِ وَلَا عِلّة مُوجبَة عَلَيْهِ أَن يفعل شَيْئا وَلَا أَن لَا يَفْعَله وَأَنه تَعَالَى لَو أهمل النَّاس لَكَانَ حَقًا وحسنًا لَو خلقهمْ كَمَا خلق سَائِر الْحَيَوَان الَّذِي لم يلْزمه شَرِيعَة وَلَا خطر عَلَيْهِ شيءٌ وَأَنه تَعَالَى لَو واتر الرُّسُل والنذارة أبدا لَكَانَ حَقًا وحسنًا لما فعل بِالْمَلَائِكَةِ الَّذين هم حَملَة وحيه وَرُسُله أبدا وَأَنه تَعَالَى لَو خلق الْخلق كفَّارًا كلهم لَكَانَ ذَلِك مِنْهُ حَقًا وحسنا وَلَو خلقهمْ مُؤمنين كلهم لَكَانَ حَقًا وحسنًا كَمَا أَن الَّذِي فعل تَعَالَى من كل ذَلِك حق وَحسن وَأَنه لَا يقبح شَيْء إِلَّا من مَأْمُور مَنْهِيّ قد تقدّمت الْأَوَامِر وجوده وسبقت الْحُدُود الْمرتبَة للأشياء كَونه وَأما من سبق كل ذَلِك فَلهُ أَن يفعل مَا يَشَاء وَيتْرك مَا يَشَاء لَا معقب لحكمه وَأما الْمَلَائِكَة فَكل من لَهُ معرفَة ببنية الْعَالم والأفلاك والعناصر فَإِنَّهُ يعلم أَن الأَرْض وعمقها أقرب إِلَى الْفساد من سَائِر العناصر وَمن سَائِر الأجرام العلوية وَأَنَّهَا مواتية كلهَا وَأَن الْحَيَاة إِنَّمَا هِيَ فِي النُّفُوس الْمنزلَة قسرًا إِلَى مجاورة أجساد الترابية المواتية من جَمِيع الْحَيَوَان فقد ثَبت يَقِينا بضرورة الْمُشَاهدَة أَن مَحل الْحَيَاة وعنصرها ومعدنها وموضعها إِنَّمَا هُوَ هُنَالك من حَيْثُ جَاءَت النُّفُوس الْحَيَّة النَّاقِصَة بِمَا فِي طبعها من مجاورة هَذِه الأجساد والتثبت بهَا عَن كَمَال مَا خص بِالْحَيَاةِ الدائمة وَلم يَشن وَلَا نقص فَضله وصفاؤه بمجاورة الأجساد الكدرة المملوءة آفَات ودرنا عيوبا فصح أَن الْعُلُوّ الصافي هُوَ مَحل الْأَحْيَاء الفاضلين السالمين من كل رذيلة وَمن كل نقص وَمن كل مزاج فَاسد المحبوين بِكُل فَضِيلَة فِي الْخلق وَهَذِه صفة الْمَلَائِكَة ﵈ وَصَحَّ بِهَذَا أَن على قدر سَعَة ذَلِك الْمَكَان يكون كَثْرَة من فِيهِ من أَهله وعماره وَأَنه لَا نِسْبَة لما فِي هَذَا الْمحل الضّيق والنقطة الكدراء وَمِمَّا هُنَالك كَمَا لَا نِسْبَة لمقدار هَذَا الْمَكَان من ذَلِك وَبِهَذَا صحت الرِّوَايَة وَهَكَذَا أخبر رَسُول الله ﷺ عَن كَثْرَة الْمَلَائِكَة فِي الْأَخْبَار المسندة الثَّابِتَة عَنهُ ﷺ وَبِهَذَا وَجب أَن يَكُونُوا هم الرُّسُل والوسائط بَين الأول تَعَالَى الَّذِي خصهم بِالنُّبُوَّةِ والرسالة وَتَعْلِيم الْعُلُوم وَبَين إنقاذ النُّفُوس من الهلكة الْكَلَام على من قَالَ أَن فِي الْبَهَائِم رسلًا قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ ذهب أَحْمد بن حابط وَكَانَ من أهل الْبَصْرَة من تلاميذ إِبْرَاهِيم النظام يظْهر الاعتزال وَمَا نرَاهُ إِلَّا كَافِرًا لَا مُؤمنا وَإِنَّمَا استخرنا إِخْرَاجه عَن

1 / 68