وفرقة قالت أن عبد الله بن معاوية قد مات ولم يوص وليس بعده إمام فتاهوا وصاروا مذبذبين بين صنوف الشيعة وفرقها لا يرجعون إلى أحد فالكيسانية كلها لا إمام لها وإنما ينتظرون الموتى إلا العباسية فإنها تثبت الإمامة في ولد العباس وقادوها فيهم إلى اليوم فهذه فرق الكيسانية والعباسية و الحارثية ومنهم تفرقت فرق الخرمدينية ومنهم كان بدء الغلو في القول حتى قالوا أن الأئمة آلهة وأنهم أنبياء وأنهم رسل وأنهم ملائكة وهم الذين تكلموا بالأظلة وفي التناسخ في الأرواح وهم أهل القول بالدور في هذه الدار وأبطال القيامة والبعث والحساب وزعموا أن لادار إلا الدنيا وأن القيامة إنما هي خروج الروح من بدن ودخوله في بدن آخر غيره إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا وأنهم مسرورون في هذه الأبدان أو معذبون فيها والأبدان هي الجنات وهي النار وأنهم منقولون في الأجسام الحسنة الأنسية المنعمة في حياتهم و معذذبون في الأجسام الردية المشوهة من كلاب وقردة وخنازير وحيات وعقارب وخنافس و جعلان محولون من بدن إلى بدن معذبون فيها هكذا أبدا الأبد فهي جنتهم ونارهم لا قيامة ولا بعث ولا جنة ولا نار غير هذا على قدر أعمالهم وذنوبهم وإنكارهم لأئمتهم ومعصيتهم لهم فإنما تسقط الأبدان وتخرب أذهى مساكنهم فتتلاشى الأبدان وتفنى وترجع الروح في قالب آخر منعم أو معذب وهذا معنى الرجعة عندهم وإنما الأبدان قوالب ومساكن بمنزلة الثياب التي يلبسها الناس فتبلى وتطرح ويلبس غيرها وبمنزلة البيوت يعمرها الناس فإذا تركوها وعمروا غيرها خربت والثواب والعقاب على الأرواح دون الأجساد وتأولوا في ذلك قول الله تعالى :
ﵟفي أي صورة ما شاء ركبكﵞ
وقوله تعالى
ﵟوما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكمﵞ
إلا وقوله عز وجل
ﵟوإن من أمة إلا خلا فيها نذيرﵞ
فجميع الطير والدواب والسباع كانوا أمما ناسا خلت فيهم نذر من الله عز وجل واتخذ بهم عليهم الحجة فمن كان منهم صالحا جعل روحه بعد وفاته و إخراب قالبه وهدم مسكنه إلى بدن صالح فأكرمه ونعمه ومن كان منهم كافرا عاصيا نقل روحه إلى بدن خبيث مشوه يعذبه فيه بالدنيا وجعل قالبه في أقبح صورة ورزقه أنتن رزق وأقذره وتأولوا في ذلك قول الله عز وجل
ﵟفأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهاننﵞ
فكذب الله تعالى هؤلاء ورد عليهم قولهم لمعصيتهم إياه فقال
ﵟكلا بل لا تكرمون اليتيمﵞ
وهو النبي صلى الله عليه وسلم
ﵟولا تحاضون على طعام المسكينﵞ
وهو الإمام
ﵟوتأكلون التراث أكلا لماﵞ
لا تخرجون حق الإمام مما رزقكم وأجراه لكم
पृष्ठ 38