आधुनिक अरबी विचार: फ्रांसीसी क्रांति का राजनीतिक और सामाजिक दिशानिर्देशन पर प्रभाव
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
शैलियों
وطبيعي أن يتنبه الطهطاوي إلى هذا كله وهو الشرقي العربي الذي يلتمس لوطنه أسلوبا في الحكم يسير عليه ويساير الأمم الناهضة في نظام يشترك فيه المواطنون جميعهم في حقوق وواجبات مفصلة مصونة متساوية، مبدئيا على الأقل.
وقد أشرنا إلى أن الطهطاوي عرب «الشرطة» الأصلية التي ملك لويس الثامن عشر وفاقا لها، غب سقوط نابليون النهائي وانعقاد مؤتمر فيينا. وكتب الطهطاوي في مقدمة تعريبه لتلك الشرطة:
فيها أمور لا ينكر ذوو العقول أنها من باب العدل. ومعنى الشرطة في اللغة اللاتينية: ورقة، ثم تسومح فيها فأطلقت على السجل المكتوب فيه الأحكام المقيدة، فلنذكره لك، وإن كان غالب ما فيه ليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله (
صلى الله عليه وسلم )، لتعرف كيف قد حكمت عقولهم بأن العدل والإنصاف من أسباب تعمير الممالك وراحة العباد، وكيف انقادت الحكام والرعايا لذلك حتى عمرت بلادهم وكثرت معارفهم وتراكم بناهم وارتاحت قلوبهم؛ فلا تسمع فيها من يشكو ظلما أبدا، والعدل أساس العمران. ولنذكر هنا نبذة مما قاله فيه العلماء والحكماء أو في ضده. من كلام بعضهم: ظلم اليتامى والأيامى مفتاح الفقر، والحلم حجاب الآفات، وقلوب الرعية خزائن ملكها فما أودعه إياها وجده فيها. وقال آخر: لا سلطان إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل. وقيل فيما يقرب من هذا المعنى: سلطان الملوك على أجسام الرعايا لا على قلوبهم. وقال بعضهم: أبلغ الأشياء في تدبير المملكة تسديدها بالعدل وحفظها من الخلل. وقيل: إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع. إن المولى إذا كلف عبده ما لا يطيقه فقد أقام عذره في مخالفته.
وفي هذا ما يجب أن يستوقفنا؛ لأننا نرى الطهطاوي، وهو من أعلام مفكرينا الأوائل، ينظر إلى مبادئ الشرطة؛ أي المبادئ التي استوحيت من الثورة الفرنسية الكبرى، نظرة إعجاب وتقدير، ولكنه يرى أن أكثرها مما ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله.
6
ومع ذلك فهو يضرب في تأييدها الحكم العربية، وما قصده إلا أن يبين أن هذه المبادئ ليست غريبة عنا؛ فيكون الطهطاوي قد حاول شيئا من التوفيق بين تقاليدنا والمبادئ التي انبثقت من الثورة الكبرى. وسنجد أن المفكرين قد خطوا خطوات أبعد من التوفيق، فبينوا أن روح هذه المبادئ تساوي روح كتاب الله وسنة رسوله.
وبعد أن يفرغ الطهطاوي من تعريب الشرطة يكتب معلقا عليها:
فإذا تأملت رأيت أغلب ما في هذه الشرطة نفيسا، وعلى كل حال فأمره نافذ عند الفرنساوية. ولنذكر هنا بعض ملاحظات فنقول:
قوله في المادة الأولى: سائر الفرنسيس مستوون قدام الشريعة؛ معناه سائر من يوجد في بلاد فرانسا من رفيع ووضيع لا يختلفون في إجراء الأحكام المذكورة في القانون، حتى إن الدعوة الشرعية تقام على الملك وينفذ عليه الحكم كغيره. فانظر إلى هذه المادة الأولى فإن لها تسلطا عظيما على إقامة العدل وإسعاف المظلوم وإرضاء خاطر الفقير بأنه العظيم نظرا إلى إجراء الأحكام. ولقد كادت هذه القضية أن تكون من جوامع الكلم عند الفرنساوية، وهي من الأدلة الواضحة على وصول العدل عندهم إلى درجة عالية وتقدمهم في الآداب الحضرية. وما يسمونه الحرية ويرغبون فيه هو عين ما يطلق عليه عندنا العدل والإنصاف؛ وذلك لأن معنى الحكم بالحرية هو إقامة التساوي في الأحكام والقوانين بحيث لا يجور الحاكم على إنسان، بل القوانين هي المحكمة والمعتبرة؛ فهذه البلاد حرية بقول الشاعر:
अज्ञात पृष्ठ