रास्ते में
في الطريق
शैलियों
فمسحت أولا الدموع التى ترقرقت فى عينى من فرط الضحك، ثم مسحت بطنى التى صارت توجعنى.. ثم تنهدت وقلت: «أخ.. مسألة ظريفة جدا».
فقالت أختى: «ولكن ما هى الحكاية؟ أتظن أن من اللائق أن نقف ساعة أمام الباب»؟
قلت: «أظن أن الواجب أن ندخل.. نعود إلى البيت دقائق قبل أن نخرج إلى رحلتنا».
فنهضت أختى عن مقعدها قليلا وزحفت إلى الأمام مقدار شبر ووضعت كفها البضة على كتفى، وقالت: «لا تعذبنى انطق». قلت: «لا حاجة بى إلى الكلام.. خذى».
وانحنيت فأخرجت العقد المفقود من طية البنطلون عند حرفه، ورفعته إلى عينها وقلت: «لقد كنت أظن أن ساقى اليوم أسوأ مما كانت أمس لأنى أحسها أثقل.. فالآن عرفت السبب، ولكنى لا أعرف كيف سقط العقد فى طية البنطلون».
ولا أزال إلى الآن أجهل كيف أمكن أن يحدث هذا، وإنما الذى أعرفه أن أختى نعمت فى يومها هذا، وأن ابن عمى حاول أن يركبنى بعبثه المألوف.. فوضعت كفها على فمه، فقبل أصابعها، ثم عضها، فصرخت. فقال: «هذا جزاء من يدافع عن السراق واللصوص والخونة»!
الفصل الخامس
الجارة
كثيرا ما أطلب العزلة والهرب من الناس لا لأنى أكرههم أو أنفر منهم، بل ليتسنى لى أن أخلو بنفسى وخواطرى. ولست أعنى أنى أشتهى أن أكون فى مكان خلاء.. وأنما أعنى أنه يحلو لى أحيانا أن أرى أن كل من حولى ممن لا أعرف. ولا أدرى كيف هذا.. ولكنه يخيل إلى حين يتفق لى ذلك، أنى خلعت ثيابى على ساحل بحر ورميت نفسى على مائه ورحت أسبح فيه، وأضرب بذراعى ورجلى، وأفعل غير ذلك مما يفعل السابح. وما أعرف من السباحة شيئا.. وأنى لشبيه بابن الرومى الشاعر الذى يقول فى بعض شعره إنه لم يتعلم من السباحة سوى «الغوص» وأنه لو ألقى به فى الماء لسبق الحجر. ولكن هذه هى الصورة التى ترتسم بذهنى حين أرانى فى حشد كبير ممن لا أعرف من الخلق. وكثرا ما يسألنى أخوانى: «أين كنت البارحة؟» فأقول: «كنت فى السينما» فيسألوننى: «وحدك؟» فأقول: «نعم مع الأسف» ولا داعى للأسف، ولكنى أقول ذلك لهم على سبيل المجاملة، فيقول قائلهم: «ولم لم تخبرنا؟.. إذن لذهبنا معك وأنس بعضنا ببعض» فأقول: «أى والله.. ولكن هذا هو الذى كان، فلندعه إلى الحاضر الذى نحن فيه».
وفى نوبة من هذه النوبات، ركبت سيارتى وانطلقت بها إلى سينما «المتروبول» وأنا أحدث نفسى بما أرجو أن أفيده من السرور والمتعة حين أرى تلك الطفلة الفاتنة «شيرلى تمبل» من غير أن يكون إلى جانبى أحد يقول لى: «انظر.. يا سلام أما إنها لراقصة.. يا للبراعة. كيف استطاعت أن تجيد التمثيل إلى هذا الحد؟ ترى كم ينقدونها أجرا لها فى الأسبوع»؟.. إلى آخر هذا الهذر الفارغ الذى يفسد على كل متعة.
अज्ञात पृष्ठ