صحيح أن هذه الحوارات يصاحبها من حظوظ الأنفس ما يصاحبها، لكننا مطالبون من وقت لآخر بتذكير بعضنا بعضا، كما أن بعض الناس ليس لهم شغل إلا التحريض وتشويه الأقوال والآراء، ودواء هذا بالصبر والتذكير بالخوف من الله والدعوة للأمانة، إضافة إلى أن بعض الناس له هواية في تفسير المواقف تفسيرا سيئا، فإذا رد الشخص السيئة بربعها قالوا هذا لا يحترم أهل العلم، وإن رقق الشخص العبارة قالوا: هذا خائف يخشى أن تصيبه دائرة، شاك في أمره أو يتعامل بالتقية
وهكذا ليس هناك منفذ لحسنة المخالف لهم إلا وسدوها بسوء تفسير، كما أنه ليس هناك سوء عبارة من الموافق لهم إلا وتكلفوا لها الاعتذارات بل والتبريرات فأين التواصي بالحق إذن؟ وأين الشهادة لله ولو على النفس أو الوالدين والأقربين أو الشيوخ أو الأتباع؟ وأين الأمانة التي حملها الإنسان؟ وأين نحن من قوله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)؟.
فهذه دعوة لنفسي أولا ثم للآخرين أن نذكر أنفسنا بهذا؛ فلا يظن ظان أنني أبريء نفسي من هذه العيوب التي ذكرتها كلا والله؛ فأنا بحاجة لمن يذكرني ويبين لي بالدليل الخطأ الذي وقعت فيه ثم ليأذن لي أن أبدي وجهة نظري بالموافقة أو المخالفة بالدليل أيضا، ومن الأفضل لنا أن نبقى صفا واحدا مع وجود هذه الاختلافات العلمية التي لا يجوز أن نبالغ فيها ونجعلها مفرقة بين المسلمين، فليس من مصلحة الإسلام وأهله أن تخرج الأبحاث العلمية من دائرتها البحثية إلى اتخاذها أشكالا من الانشقاقات والنزاعات التي لا مبرر لها أصلا.
पृष्ठ 19