फी अदब मिस्र फातिमिया
في أدب مصر الفاطمية
शैलियों
وفي حلب استطاع المؤيد أن يتصل بإبراهيم بن ينال، وأغراه أن يخالف طغرلبك، ووعده بالتلقيب والخلع الفاطمية، فكانت مؤامرة ناجحة؛ إذ انفصل إبراهيم بن ينال عن جيوش طغرلبك وخرج هذا لمحاربته، فانتهز المؤيد هذه الفرصة، وأمر البساسيري بالمسير إلى بغداد، فتم له ذلك سنة 450ه، ودعا على منابرها باسم المستنصر الفاطمي لمدة عام، ولو كان وزراء مصر استمعوا لنصائح المؤيد لتغير وجه التاريخ الإسلامي، ولكانت هذه الحركة سببا في محو الخلافة العباسية منذ دخلت جيوش البساسيري بغداد سنة 450ه، ولكن المؤيد عاد إلى مصر دون أن يحفل به أحد، ولم تحتفل مصر بامتلاك بغداد فلم ينفخ فيها بوق واحد، ولم يقرع فيها طبل واحد، ولا غرابة في ذلك فقد كان الوزير في مصر إذ ذاك هو الوزير المغربي الذي لم ينس ما فعله الفاطميون بأجداده وآبائه، وهكذا أضاع وزراء مصر تلك الفرصة الذهبية التي هيأها لهم المؤيد بدهائه وسياسته.
عاد المؤيد إلى مصر فولي مرتبة داعي الدعاة، وبذلك أصبح في المرتبة التي شقي بالتطلع إليها ردحا طويلا من الزمان، ولكنه لم يمكث في تلك المرتبة طويلا؛ إذ خشى الوزراء مكانته ونفوذه وسلطانه فنفي مرة من مصر، ثم أعيد إليها وولي مرتبة الدعوة، ثم عزل عنها وولي ديوان الإنشاء مرة ثانية، وهكذا عاش حتى توفي سنة 470ه بالقاهرة، ودفن في دار العلم بجوار القصر، وصلى عليه الإمام المستنصر نفسه.
كان المؤيد في الدين من أكبر علماء عصره، وتدلنا كتبه التي وصلت إلينا على أنه كان واسع الثقافة ملما إلماما تاما بجميع العلوم التي عرفت في العالم الإسلامي إذ ذاك، قوي الحجة في مناظراته وجداله مع مخالفيه، وقد صدق أبو العلاء المعري حين وصفه بقوله : «وسيدنا الرئيس الأجل المؤيد في الدين، ما زالت حجته باهرة ودولته عالية ... ولو ناظر أرسطاليس لجاز أن يفحمه، أو أفلاطون لنبذ حججه خلفه.»
56
ويكفي أن ننظر إلى مناظرات المؤيد مع المعري لندرك كيف كان شيخ المعرة يتهرب من هذه المناظرة، وأنه كان يخشى قوة منطق المؤيد وحجته مع فصاحة بيانه، فاعترف له بالتفوق في الجدل، وأنه ورث علم الأولين.
وضع المؤيد في الدين عدة كتب أهمها: (1)
المجالس المؤيدية:
وهو أكبر كتاب وصل إلينا في الدعوة الفاطمية؛ إذ يضم هذا الكتاب ثمانمائة مجلس من مجالس الدعوة التي كان يلقيها المؤيد، ويثبت من هذا الكتاب أن الدعوة وعلومها بلغت ذروتها على يد المؤيد، ويعد هذا الكتاب من أقوى الكتب عند طائفة البهرة، ولا يقربه إلا من بلغ مرتبة خاصة من مراتب دعوتهم. وقد رتب حاتم بن إبراهيم الحامدي الداعي اليمني هذا الكتاب، وقسمه إلى أبواب حسب موضوعاته، وسمى الكتاب «جامع الحقائق»، وإذا نظرنا في كتب الدعوة لدعاة اليمن، نرى أن جميع الدعاة كانوا يقتطفون من المجالس المؤيدية ويستشهدون بها. ونرجو أن نوفق إلى نشر هذا الكتاب القيم، فهو موسوعة في علوم الدعوة الفاطمية، وفي هذه المجالس نرى مناظرات المؤيد ورده على المخالفين. (2)
ديوان المؤيد في الدين:
كان المؤيد شاعرا كما كان أديبا وعالما، وقد وصل إلينا ديوانه، فإذا به مجموعة من قصائده التي أنشدها في مدح الأئمة، وفي هذا الديوان نرى تطور حياة المؤيد، ووصف أحواله، وإشارات إلى جهوده، كما ملأ قصائده بالعقائد الفاطمية ومصطلحاتها. وطبع هذا الديوان بشركة الكاتب المصري في سلسلة مخطوطات الفاطميين. (3)
अज्ञात पृष्ठ