قوله: (لا يصح الدعوى إلا من مطلق التصرف فيما يدّعيه)، وناقشها مناقشة طويلة، وذكر أنها لا تستقيم على إطلاقها هكذا من وجوه عدة، فذكر وجوهًا ونظائر فقهية ستة سُمعت فيها الدعوى -في المذهب- ممن لا يملك التصرف، خلافًا لما قاله الشيرازي.
وبناء على هذه المناقشة الطويلة لعبارة الشيرازي المذكورة، انتهى البلقيني إلى أنه لا يستقيم أمرها، ولا يُعمل بمقتضاها، ولا يؤخذ منها بطلان دعوى السفيه؛ لأنه لا يُدرَى ما المراد بها. ولم يذكرها الشيرازي في (المهذّب)، ولا أحدٌ من الأصحاب، وليس لها مخرجٌ تصح به. ولم يذكر الشافعي ﵁، ولا أحدٌ من الأصحاب، اشتراطَ رُشد المدّعي. فقد نص الشافعي في كتبه كلها على نصوص كثيرة في الدعاوى، ليس في شيء منها إخراجُ السفيه من الدعوى، وكذلك جرى عليه الأصحاب. انتهى كلام البلقيني (١).
ولعل مما يُلحق بهذا العنصر (أي: مناقشة البلقيني ما يعرضه الشيخ ابن عبد السلام من المسائل):
أن الشيخ ابن عبد السلام يتطرق في بعض المسائل للمقارنة بين مذهب الإمام الشافعي ومذهبِ غيرِه من الأئمة، فيشعُر البلقيني أن تلك المواضع محتاجة إلى بيان دليل الإمام الشافعي؛ ليتبين للقارئ وجهُ ما ذهب إليه الشافعي، واختاره في تلك المسائل.
_________
(١) وينظر أيضًا النص رقم ٣٧٢ ففيه مناقشة طويلة لمسألة نكول المدّعي عن اليمين المردودة. وفيها تظهر ضلاعة البلقيني في تحرير هذه المسألة من خلال ما ورد فيها من اختلاف عند شيخي المذهب: الرافعي والنووي.
وينظر النص رقم ٣٧٧ ففيه مناقشات قوية لعدد من المسائل المتعلقة بالدعوى واليمين. وسَرَد البلقيني في آخر هذا النص، عددًا من المسائل بإجمال، ولم يناقشها بل قال: (لا يخفى ما على ذلك كله من المناقشات).
1 / 42