अरबों का मिस्र पर विजय
فتح العرب لمصر
शैलियों
وكان دخول «بنيامين» إلى دير «قبريوس» قرب عيد الميلاد من سنة 621، ولم يبق في خدمة البطريق «أندرونيكوس» إلا شهور ثم مات البطريق، وأوصى أن يكون هو خليفته. وقيل إن «بنيامين» كان إذ ذاك شابا، ولعله كان في السنة الخامسة والثلاثين من عمره،
3
ولكن رداء البطارقة ألقي على عاتقه في حفله المرسوم في كنيسة القديس مرقص.
وقد رأينا فيما سلف أن «أندرونيكوس» لم يخلعه فتح الفرس من ولايته، في حين أن «حنا الرحوم» بطريق الملكانيين هرب عند ذلك، ومات في هربه ذاك في جزيرة قبرص، وكان خليفة «حنا» على ولاية أمر المذهب الملكاني اسمه «جورج»، ولكن سلطان الروم كان عند ذلك قد ذهب عن مصر، وليس لدينا دليل كاف يدلنا على أن استخلاف «جورج» على ولاية المذهب الملكاني وقع قبل سنة 621، وأقل من ذلك ما لدينا من الأدلة على تعيين الوقت الذي ذهب فيه ذلك البطريق إلى الإسكندرية
4
وأنفذ فيها أمر ولايته، بل إنا نشك في أنه جاء إلى مصر حقيقة وحل بها؛ فإنه كان لا يرجو ترحابا لا من القبط ولا من الفرس، ولم يكن في مجيئه إلى مصر من فائدة إلا إذا عاد جيش الروم إليها فأرجع فيها أمر الدولة وأقر فيها مذهب الملكانية، ثم دارت الدائرة وجلا الفرس عن مصر في أول سنة 627، وذلك عندما أزمتهم الهزائم على يد هرقل. وقد ذكر في التاريخ أن حكم الروم عاد إلى مصر في تلك الفترة التي بين ذلك التاريخ وبين الوقت الذي ولي فيه «قيرس» على مصر؛ فمن الجائز أن يكون البطريق «جورج» قد دخل الإسكندرية في ذلك العام سنة 627، وبقي بها كما يظهر من كتاب «حنا النقيوسي» حتى حل محله «قيرس» نفسه وصار بطريقا بدله، ولكن أغلب الظن في رأينا أن دخول «جورج» إلى الإسكندرية لم يكن عند ذلك، بل كان بعده بزمن؛ وذلك لأنه لما وقفت رحى القتال بين الروم والفرس فرغت بعض كتائب الروم شيئا فشيئا من مشاغلها، واستطاع الروم أن يعيدوا الجند إلى مصر، ولكن من البعيد أن يكون وقوع ذلك قبل سنة 629 بزمن طويل. ولعل جورج لم يبلغ الإسكندرية إلا في ذلك العام، ولعله لم يبق في ولايته إلا سنة أو سنتين؛ لأنه مات بعد ذلك أو عزل. فإذا كان الأمر كذلك سهل علينا أن ندرك السبب الذي من أجله كان ذكره فيما تخلف من أخبار الكنيسة غير واضح، وكانت أحواله غير جلية.
5
عندما مات «أندرونيكوس» كبير أساقفة القبط في أواخر سنة 622 أو أوائل سنة 623، كان حكم الفرس في مصر غير مزعزع لا يخشى عليه من شيء، لا من قبل هرقل ولا من كرة الدولة الرومانية على يديه. حقا لا يشك إلا قليلا في أن ذلك البطريق قد سمع قبل موته أنباء سفر هرقل في رحلته الأولى في البحر، ومروره برودس ذاهبا إلى «قليقيا»، وأكبر الظن كذلك أن أهل الإسكندرية كانوا عند ذلك يرددون فيما بينهم ما سمعوه من قوافل العرب عن ظهور النبي في مكة، ولكن ما كان لأحد أن يذهب به الظن ويحمله الخيال - ولو كان ظنانا بعيد الخيال - إلى أنه لن تمر عشرون سنة حتى يكون الفرس قد أخرجوا من مصر إذ يجليهم الروم عنها ، ثم يعود الروم بعد ذلك فيقهر سلطانهم وتخبو نيرانهم، وينمحي أثرهم على يد الكتائب الشعثاء من جنود الإسلام.
وقد وافق اختيار «بنيامين» لولاية الدين هوى في قلوب الناس؛ فإننا إن شككنا في حكمته وحسن رأيه في آخر أمره، لا يمكن أن ننكر أنه كان حبيبا إلى الناس عزيزا عليهم، وأنه قد بقي على محبة الناس له وإجلالهم إياه لم ينقص من ذلك شيء على تغير الأحوال وتقلب الصروف. وكانت مدة ولايته أكثر عهد في تاريخ القبط تقلبا وأعظمه حوادث، لكنه لم يتساهل في أمر الدين، ولم يغض عن رذيلة في الخلق، فشرع منذ أول أمره يأخذ قسوسه بالشدة إذا هم جازوا حدود الحمى في حياتهم، وما كان أكثر من يفعل ذلك منهم، ثم جعل يقضي على السوء الذي حل في مواضع كثيرة ولم يستطع الأساقفة أن يتلافوه؛ إذ منعتهم من ذلك ضجة الحرب ومشاغلها. وقد زار بابليون
6
अज्ञात पृष्ठ