अरबों का मिस्र पर विजय
فتح العرب لمصر
शैलियों
19
وقد شهد مرة ثانية في آخر حياته أسر بلاد صهيون، وكان حزنه وألمه لذلك الأسر الأخير سببا في الإسراع به إلى قبره.
الفصل الثالث عشر
الاضطهاد الأعظم للقبط على يد قيرس
قد وصفنا فيما مضى ما كان من أمر الإمبراطور منذ يوم احتفاله بالنصر في بيت المقدس وقد بلغ ذروة مجده، إلى أن ودع أنطاكية وقد أصبح ذلك العاهل الكبير ولا حول له ولا قوة، ضعيف العقل، واهي القوة، غرق في غمرات الخيبة والحزن، ثم رأينا سحابة ترتفع على أفق فلسطين من الجنوب، ثم تعلو شيئا فشيئا كما يعلو المارد في قصص العرب، فإذا بشبح الإسلام
1
قد صار هيكلا ضخما يزيد على الأيام نماء، ثم يناضل دولة الروم في الشام حتى ينضلها، وتصير إليه دمشق ثم بيت المقدس. وقد ألممنا إلمامة خفيفة بالأسباب التي اجتمعت على إحداث هذا التغيير الذي عجب منه العالم، وقد كان وصفنا لهذه الحوادث قصيرا، وكان لا بد لنا منه إذ أردنا أن نعرف حقيقة الحوادث التي كان لمصر فيها أثر كبير، ولكن ذلك الوصف مع ذلك قد شط بنا عن حوادث وادي النيل شططا بعيدا، وما أحرانا أن نعود الآن إلى تلك البلاد لنصف ما كان فيها من الحوادث منذ أول الحرب التي بقيت ثائرة مدة ست سنوات، وكانت نهايتها موت كسرى. وليس لدينا من أخبار هذه المدة إلا النزر اليسير، وهذا ما نأسف له، والقليل الذي لدينا منها غير واضح؛ فنحن مضطرون إلى أن نتلمس طريقنا فيما دوننا منها، مهتدين ما استطعنا بهدي نورها الضئيل.
كان القليل الذي نجا من التدمير من الأديرة في جوار الإسكندرية «دير قبريوس»، وكان في وسط بستان من النخيل على مقربة من شاطئ البحر في الشمال الشرقي من المدينة، ومن الأبنية التي نهبها الفرس.
2
وكان في ذلك الدير شاب اسمه «بنيامين»، من سلالة أسرة قبطية موسرة من قرية فرشوط في البحيرة، وقد جاء إليه وترهب فيه على يد رئيسه الشيخ «تيوناس»، فجد في تحصيل العلم، وكان ذكي الفؤاد . فما كان إلا قليل حتى نبغ وبذ معلميه في العلم والتقوى، وكانت عادته أن يقوم الليل في العبادة في كنيسة الدير. ويروى في القصص أنه كان يوما في قيامه فسمع صوتا يناديه أنه سيكون راعي أتباع المسيح. فلما سمع «تيوناس» مقولته أمره أن يحذر الوقوع في حبائل الشيطان، ثم قال له ينصحه إن مثل هذا الأمر لم يقع له ولا لأحد من إخوانه في مدة خمسين سنة قضاها في دير «قبريوس». على أنه مع ذلك صحبه إلى الإسكندرية، ومثل به بين يدي البطريق القبطي «أندرونيكوس»، فأعجب البطريق بما كان عليه «بنيامين» من القدرة وقوة النفس، واستبقاه في المدينة معه، وعاد «تيوناس» إلى الدير وحده، ثم دخل بنيامين بعد ذلك في زمرة القسوس، وبقي مع البطريق، وكان أمينه وصاحب ثقته، «وساعده في أمور الكنيسة وتصريف أحوال ولاية الدين».
अज्ञात पृष्ठ