29

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

शैलियों

٧ - مصحف برايل للمكفوفين يقول السائل: المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين هل له حكم المصحف المعروف ولقد حاولنا السؤال عن هذه المسألة وكانت الإجابة تأتينا في اتجاهين الأول بأنه لا ينطبق عليه أحكام المصحف العادي لأنه لم يكتب بالرسم العثماني لذلك فهو يحمل حكم التفسير أو القرآن المترجم. والقول الثاني هو بما أن الكفيف يقرأ ما في هذا المصحف قراءة سليمة ودون إنقاص لأي معنى من معاني القرآن فإنه يحمل نفس الأحكام فما رأي فضيلتكم في ذلك وجزاكم الله كل الخير. جمعية أصدقاء الكفيف فلسطين. الجواب: لا شك أن تعظيم كتاب الله أمر واجب في حق كل مسلم ومن وقر القرآن الكريم فقد وقر الله ﷾ ومن استخف بالقرآن فقد استخف بالله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) وقد ورد عن عمر ﵁ أنه قال: (عظموا القرآن) تفسير القرطبي ١/٢٩. وقال الإمام النووي: [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] التبيان في آداب حملة القرآن ص ١٠٨. وقد ذكر العلماء جملة من الآداب التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها عند التعامل مع القرآن الكريم. راجعها في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي ففيه فوائد كثيرة. إذا تقرر هذا فنعود لإجابة السؤال فأقول بعد تقليب أوجه النظر في هذه النازلة وتخريجها على قواعد الشرع المقررة فإني أرى أن المصحف المكتوب بطريقة (برايل) للمكفوفين يأخذ حكم المصحف من حيث وجوب تعظيمه وحرمة الاستخفاف به وكذا حرمة امتهانه لأنه مكتوب بحروف وإن كانت غير الحروف العربية إلا أنها حروف خاصة بالمكفوفين فلذا تراهم يقرؤونه كما يقرأ المبصرون ويضاف إلى ذلك أنه لا يكتب في مصحف المكفوفين إلا كلام الله ﷿ ولا يكتب فيه تفسير أو شرح وكذلك فإنك لو سألت مكفوفًا بيده نسخة منه، عن هذا الذي في يده، لأجابك بأنه يحمل مصحفًا، فالأولى إلحاقه بالمصحف وتعليل هذا الحكم أن الأصل في التعامل مع المصحف هو الاحترام والتقدير والمصحف المطبوع بطريقة برايل يسمى مصحفًا كما جاء في السؤال وإن كان ذلك خاص بالمكفوفين. وبناءً على اعتباره مصحفًا تثبت للمصحف المطبوع بطريقة برايل أحكام المصحف من حيث التأدب معه وحرمة امتهانه بأي شكل من الأشكال ولكن يجوز مسه لغير المتوضئ لأن الراجح من أقوال أهل العلم جواز مس المصحف لمن كان على غير طهارة وهو قول جماعة من أهل العلم كالمزني صاب الشافعي وداود وابن حزم الظاهريان والشوكاني وغيرهم وإن كان مذهب أكثر أهل العلم هو المنع من ذلك وقول المجيزين هذا قول قوي ولهم أدلتهم وأهمها: عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال (المؤمن لا ينجس) رواه البخاري ومسلم وفي رواية في صحيح البخاري (إن المسلم) وكذلك فإن هؤلاء العلماء قد أجابوا عن أدلة المانعين لمس المصحف إلا على طهارة كقوله تعالى ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾ سورة الواقعة الآية ٧٩، بأن الآية الكريمة ليست في محل النزاع لأن المراد بها اللوح المحفوظ والمطهرون هم الملائكة. كما احتج المانعون بما ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال (لا يمس القرآن إلا طاهر) رواه الدارقطني ومالك والطبراني وغيرهم وقال عنه العلامة الألباني: [وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير إذ ليس في شيء منها من اتهم بكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر في علم المصطلح أن الطرق يقوي بعضها بعضًا إذا لم يكن فيها متهم كما قرره النووي في تقريبه ثم السيوطي في شرحه، وعليه فالنفس تطمئن لصحة هذا الحديث لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل كما سبق، وصححه أيضًا صاحبه الإمام إسحق بن راهويه] إرواء الغليل ١/١٦٠-١٦٢. وقد أجابوا عن الاستدلال بالحديث السابق بأن الصحيح أن كلمة طاهر لفظ مشترك يطلق على المؤمن وعلى الطاهر من الحدث الأكبر وعلى الطاهر من الحدث الأصغر وعلى من ليس على بدنه نجاسة وصرفه إلى واحدٍ من هذه المعاني يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك فلا يسلم الاحتجاج به على منع غير المتوضئ من مس المصحف قال الشوكاني [والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرًا ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة ... ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملًا في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث (المؤمن لا ينجس) ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحًا بلا مرجح وتعيينه لجميعها استعمالًا للمشترك في جميع معانيه وفيه الخلاف ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح لوجود المانع وهو حديث (المؤمن لا ينجس) . قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازًا ولا لغة صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائمًا فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبًا أو حائضًا أو محدثًا أو على بدنه نجاسة] نيل الأوطار ١/٢٤٣-٢٤٤. وبهذه المناسبة أود أن أذكر بعض الأشياء الحديثة التي لها تعلق بالمصحف: فمنها C D الأسطوانة المدمجة التي يسجل عليها القرآن الكريم فلا شك أن ما نسمعه من C D الأسطوانة المدمجة من الكلام بصوت القارىء هو القرآن الكريم ولكن هذه الأسطوانة المدمجة C D لا تأخذ نفس الحكم المتعلق بالقرآن الكريم من حيث أنه لا يجوز مسه إلا على طهارة كما هو مذهب أكثر أهل العلم بالنسبة لمس المصحف فيجوز مس C D الأسطوانة المدمجة لأن القرآن المخزن عليها ليس مخزنًا بالحروف وإنما هو مخزن حسب النظام الثنائي الذي يعطي كل حرف شيفرة معينة والشيفرة مكونة من ٨ خانات ... إلخ ما يقوله أهل الاختصاص. ومع أن هذه الإسطوانات لا تلحق بالمصحف إلا أني أرى أنه لا يجوز امتهانها ورميها في محال القاذورات وخاصة إذا كتب عليها كلام يشير إلى أنها تحتوي على القرآن الكريم كما هو معروف ومشاهد. ومنها أيضًا الشريط المسجل فلا أرى إلحاقه بالمصحف لأن ما هو موجود عليه ليس حروفًا ولكنه عبارة عن حفظ صوت الآدمي عن طريق ترتيب اتجاه المجالات المغناطيسية، فلذا لا يأخذ حكم المصحف ولكن لا يجوز امتهانه ورميه في محال القاذورات وخاصة إذا كتب عليه كلام يشير إلى أنه يحتوي على القرآن الكريم كما هو معروف ومشاهد حيث يكتب على الأشرطة أسماء السور وأسماء القراء. ومنها أيضًا أجهزة الهاتف المحمول التي يخزن عليها القرآن الكريم فلا تأخذ حكم المصحف من حيث أنه لا يجوز مسها إلا على طهارة كما هو مذهب أكثر أهل العلم بالنسبة لمس المصحف ولكنني أرى أنه إذا كانت كلمات القرآن ظاهرة على شاشتها فلا يجوز دخول الحمام بها لأن في ذلك نوع امتهان للمصحف. وأما إذا لم يكن شيء من القرآن مكتوب على شاشتها فلا بأس بدخول الحمام بها لأن ما فيها ليس حروف القرآن وإنما القرآن محفوظ فيها حسب النظام الثنائي الذي يعطي كل حرف شيفرة معينة والشيفرة مكونة من ٨ خانات ... إلخ ما يقوله أهل الاختصاص مثلما سبق في الإسطوانات. وهذه المسألة أشبه بدخول الانسان الحافظ لكتاب الله للحمام مع أن القرآن الكريم في جوفه! وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية بمثل ذلك كما نقله د. عمر بن محمد السبيل ﵀ حيث قال [إذا سجل القرآن الكريم على أشرطة بمختلف أنواعها كأشرطة الكاسيت أو الفيديو، أو أقراص الدسك التي تستخدم في الكمبيوتر، أو نحوها، فإنه يجوز مسها للمحدث حدثًا أكبر أو أصغر فيما يظهر، وذلك لأن هذه الأشرطة ونحوها لا تسمى مصحفًا، لأنه لا يمكن قراءة القرآن منها مباشرة، وإنما يستمع للقرآن منها، أو يقرأ بواسطة آلاتها الخاصة بتشغيلها، لذا فإن هذه الأشرطة لا تأخذ حكم القرآن الكريم في تحريم مسه على غير طهارة، وبهذا أفتى أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية برئاسة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز دون أن يعللوا للحكم، ونص الفتوى: (لا حرج في حمل أو لمس الشريط المسجل عليه القرآن لمن عليه جنابة ونحوها وبالله التوفيق] وخلاصة الأمر أن مصحف برايل الخاص بالمكفوفين يلحق بالمصحف في أحكامه من حيث صيانته واحترامه وحرمة امتهانه وأما C D الأسطوانة المدمجة التي يسجل عليها القرآن الكريم فلا تلحق بالمصحف وكذا الشريط المسجل عليه القرآن الكريم ولا الهاتف المحمول المخزن عليه القرآن الكريم لا تلحق بالمصحف بشكل عام.

2 / 7