123

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

शैलियों

٤٧ - الدعاء والقنوت
يقول السائل: إنه قد صلى الظهر في أحد المساجد فما كان من الإمام إلا أن قنت في الركعة الرابعة ودعا بدعاءٍ طويل فما قولكم في ذلك؟
الجواب: الثابت من هدي النبي ﷺ أنه قنت أحيانًا في النوازل التي كانت على عهده ﷺ وهذا ثابت في أحاديث منها: حديث أبي هريرة ﵁ قال: (كان النبي ﷺ يدعو في القنوت اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم سنين كسني يوسف) رواه البخاري.
وفي رواية أخرى عند البخاري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف يجهر بذلك وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب حتى أنزل الله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) سورة آل عمران الآية ١٢٨.
وفي رواية عند مسلم عن أبي سلمة أن أبا هريرة ﵁ حدثهم أن النبي ﷺ قنت بعد الركعة في صلاة شهرًا إذا قال سمع الله لمن حمده يقول في قنوته اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله ﷺ ترك الدعاء بعد فقلت أرى رسول الله ﷺ قد ترك الدعاء لهم قال فقيل وما تراهم قد قدموا. وفي رواية أخرى عند مسلم عن أبي سلمة أن أبا هريرة ﵁ أخبره أن رسول الله ﷺ بينما هو يصلي العشاء إذ قال سمع الله لمن حمده ثم قال قبل أن يسجد اللهم نج عياش بن أبي ربيعة ثم ذكر بمثل حديث الأوزاعي إلى قوله كسني يوسف ولم يذكر ما بعده. وعن أنس بن مالك ﵁ قال: (كان القنوت في المغرب والفجر) رواه البخاري.
وروى البخاري بسنده عن عاصم قال: (سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت قلت: قبل الركوع أو بعده قال: قبله قال: فإن فلانًا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع فقال: كذب إنما قنت رسول الله ﷺ بعد الركوع شهرًا أراه كان بعث قومًا يقال لهم القراء زهاء سبعين رجلًا إلى قوم من المشركين دون أولئك وكان بينهم وبين رسول الله ﷺ عهد فقنت رسول الله ﷺ شهرًا يدعو عليهم) .
وعن أنس ﵁ أن النبي ﷺ قنت شهرًا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. رواه مسلم
وفي لفظ للبخاري: قنت شهرًا حين قتل القراء فما رأيته حزن حزنًا قط أشد منه.
وعن ابن عباس ﵄ أنه قال: قنت رسول الله ﷺ شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو عليهم، يدعو على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه. رواه أحمد وأبو داود وإسناده حسن أو صحيح كما قال النووي في الخلاصة ١/ ٤٦١.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: لأقربن بكم صلاة رسول الله ﷺ، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة في صلاة الظهر والعشاء الأخيرة وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار. وفي رواية لأحمد: صلاة العصر، مكان: صلاة العشاء الآخرة) رواه البخاري ومسلم.
والذي يؤخذ من هذه الأحاديث وغيرها مشروعية القنوت عند النوازل والمصائب والبلايا العامة في الصلوات الخمس ويقنت الإمام جهرًا في جميع الصلوات بعد الركوع ويجوز قبله فإذا ارتفعت النازلة ترك القنوت.
قال العلامة ابن القيم: [والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه ﷺ جهر وأسر وقنت وترك وكان إسراره أكثر من جهره وتركه القنوت أكثر من فعله فإنه إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم وللدعاء على آخرين ثم تركه لما قدم من دعا لهم وتخلصوا من الأسر وأسلم من دعا عليهم وجاءوا تائبين فكان قنوته لعارض فلما زال ترك القنوت ولم يختص بالفجر بل كان يقنت في صلاة الفجر والمغرب ذكره البخاري في صحيحه عن أنس وقد ذكره مسلم عن البراء وذكر الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قنت رسول الله ﷺ شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على حي من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه ورواه أبو داود. وكان هديه ﷺ القنوت في النوازل خاصة وتركه عند عدمها ولم يكن يخصه بالفجر بل كان أكثر قنوته فيها لأجل ما شرع فيها من التطويل ولاتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الإجابة وللتنزل الإلهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روي هذا وهذا في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ قُرْءَ انَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) سورة الإسراء الآية ٧٨] زاد المعاد ١/٢٧٢-٢٧٣.
وقال أيضًا: [ولا ريب أن رسول الله ﷺ فعل ذلك – أي القنوت - ثم تركه فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة وأن رسول الله ﷺ فعله وهذا ردٌّ على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقًا عند النوازل وغيرها ويقولون: هو منسوخ وفعله بدعة فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها وهم أسعد بالحديث من الطائفتين فإنهم يقنتون حيث قنت رسول الله ﷺ ويتركونه حيث تركه فيقتدون به في فعله وتركه ويقولون: فعله سنة وتركه سنة ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفًا للسنة كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفًا للسنة بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن، وركن الاعتدال محل الدعاء والثناء وقد جمعهما النبي ﷺ فيه ودعاء القنوت دعاء وثناء فهو أولى بهذا المحل وإذا جهر به الإمام أحيانًا ليعلم المأمومين فلا بأس بذلك فقد جهر عمر بالاستفتاح ليعلم المأمومين وجهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلمهم أنها سنة ومن هذا أيضًا جهر الإمام بالتأمين وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه وكالخلاف في أنواع التشهدات وأنواع الأذان والإقامة وأنواع النسك من الإفراد والقران والتمتع وليس مقصودنا إلا ذكر هديه ﷺ الذي كان يفعله هو فإنه قبلة القصد وإليه التوجه في هذا الكتاب وعليه مدار التفتيش والطلب هذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز ولما لا يجوز وإنما مقصودنا فيه هدي النبي ﷺ الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي
وأفضله فإذا قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة ولكن هديه ﷺ أكمل الهدي وأفضله والله المستعان] . زاد المعاد ١/٢٧٤-٢٧٥.
وقال الشوكاني بعد كلام طويل عن القنوت: [إذا تقرر لك هذا علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال إن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه وقد تقدم ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ
(كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد وأصله في البخاري كما سيأتي] نيل الأوطار ٢/٣٨٦-٣٨٧
والأولى في لفظ دعاء القنوت أن يدعو بما ورد عن النبي ﷺ فإن دعا بغير ذلك جاز. قال الإمام النووي: [وأما لفظه – أي القنوت - فالاختيار أن يقول فيه: ما روينا في الحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي وغيرها بالإسناد الصحيح عن الحسن بن علي ﵄ قال: علمني رسول الله ﷺ كلمات أقولهن في الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت) قال الترمذي: هذا حديث حسن قال: ولا نعرف عن النبي ﷺ في القنوت شيئًا أحسن من هذا ... ويستحب أن يقول عقيب هذا الدعاء: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ". فقد جاء في رواية النسائي في هذا الحديث بإسناد حسن: " وصلى الله على النبي ". قال أصحابنا: وإن قنت بما جاء عن عمر بن الخطاب ﵁ كان حسنًا وهو أنه قنت في الصبح بعد الركوع فقال: [اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم عذب الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثبتهم على ملة رسولك ﷺ وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منهم] . واعلم أن المنقول عن عمر ﵁ [عذب كفرة أهل الكتاب] لأن قتالهم ذلك الزمان كان مع كفرة أهل الكتاب وأما اليوم فالاختيار أن يقول [عذب الكفرة] فإنه أعم. وقوله: نخلع أي نترك وقوله يفجرك أي يلحد في صفاتك وقوله: نحفد بكسر الفاء أي: نسارع وقوله الجد بكسر الجيم: أي الحق وقوله: ملحق بكسر الحاء على المشهور ويقال بفتحها ذكره ابن قتيبة وغيره وقوله: ذات بينهم أي: أمورهم ومواصلاتهم وقوله: والحكمة هي: كل مانع من القبيح وقوله: وأوزعهم: أي ألهمهم وقوله: اجعلنا منهم أي: ممن هذه صفته قال أصحابنا يستحب الجمع بين قنوت عمر ﵁ وما سبق فإن جمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر وإن اقتصر فليقتصر على الأول وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفردًا أو إمام محصورين يرضون بالتطويل واعلم أن القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار فأي دعاء دعا به حصل القنوت ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ولكن الأفضل ما جاءت به السنة ...] الأذكار ٤٨-٥٠.
ولا ينبغي للإمام أن يطيل القنوت نص على ذلك الإمام النووي في المجموع ٣/٤٩٩.

6 / 47