قلت: إن العاقل منا إذا قيل له لك درهم سواء صدقت أم كذبت فإنه لا يختار الكذب ضرورة لعلمه أنه قبيح وأنه غني عنه فلو لم يعلم قبحه أو لم يعلم غناه عنه فيجوزا عليه أكثر من درهم حتى جوزنا أن يفعله وقد تقدم أن الباري تعالى عالم لذاته غني عن جميع المحتاجات. قلت: أنه لا يفعل القبيح وإن قلت: فما هي الواجبات على الله تعالى وما الدليل على انه لا يخل بها.
قلت: أما الواجبات على الله تعالى فهي ستة التمكين للمكلفين لخلق اليد ليتوصى بها وإقداره على ذلك، وإنما وجب عليه تعالى لأنه لو كلفنا الوصول أو لم يفعل لنا ذلك كلفنا ما لا نطيق وهو قبيح تعالى الله عنه، والبيان للمخاطبين نعني بذلك خلق العلوم الضرورية ونصت الأدلة العقلية والسمعية بعد ذلك بين مراده تعالى بالخطاب للحمل على سبيل التفصيل.
مثال ذلك قوله تعالى :[ ] { أقيموا الصلاة } (1) فإن هذا يفتقر إلى تبيين كيفية إقامتها كما بينها لنا على لسان نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم - حيث قال: [ ]
((صلوا كما رأيتموني أصلي)) (2) ولو لم يبين لنا ما ذكرنا لكان قد كلفنا ما لا نعلم والتكليف به تكاليف ما لا يطاق.
पृष्ठ 38