وإلى أن نصل إلى هذه الحال؛ أي إلى أن نسوي بين تعليم الشاب والفتاة بلا تفرقة أو تمييز، نحتاج، نحن الأزواج أو المرشحين للزواج، إلى أن نرفع زوجاتنا إلى مصافنا في الرأي والمعرفة والثقافة. وليس هذا بالأمر الشاق كما يتوهم القارئ.
والمهندس - مثلا - لا يحتاج إلى تعليم زوجته دقائق الهندسة الآلية أو الكيماوية، والمحامي ليس بحاجة إلى أن يشرح لزوجته فقه القانون الروماني، والطبيب لا يحتاج إلى أن يدرس لها الفسيولوجية ... ليس هذا ضروريا، وإن كنا قد رأينا أزواجا استطاعوا أن يشركوا زوجاتهم حتى في هذه الأشياء الفنية!
ولسنا في صداقتنا لزوجاتنا نحتاج إلى كل هذا، وإنما نحتاج إلى أن نتحدث إليهن عن شئوننا المهنية؛ حتى نثير استطلاعهن، ونبعث فيهن الشوق إلى التعرف على أعمالنا.
وأولى من هذا وأسهل أن نجعل الجريدة والمجلة والكتاب بعض أثاث البيت، نشتريها في عناية، ونختار منها الأحسن والأنفع، ونقرؤها مع زوجاتنا، ونناقش ما فيها من شئون سياسية أو اجتماعية. وبهذه الوسيلة يتقارب الزوجان تقاربا ذهنيا، ويتفقان على مبدأ في الرأي والعقيدة.
وقد يقول القارئ: إن الحديث عن السياسة أو قراءة الجريدة ليس كل شيء في التكافؤ الثقافي الذي يؤدي إلى الصداقة. ولكن هل هذا القول صحيح؟
أليست السياسة كل شيء في أيامنا هذه؟ أليست هي التي تسيطر على حديثنا وتثير اهتمامنا؟
والكلام في السياسة هو في عصرنا هذا حديث في العلوم والاجتماع والاقتصاد معا؛ فالقنبلة الذرية، والغلاء، والاستعمار والانقسام في الهند، وإحراق المحاصيل في أمريكا، وأثمان البترول والطيران، وإضراب العمال، كل هذا وغيره قد أصبح من صميم السياسة.
ومتى شرعت الزوجة، التي لم تلق عناية كبيرة قبل الزواج بتعليمها، في قراءة الجريدة مع زوجها، ووجدت منه المفسر والموضح الذي يستخلص لها المغزى، فلن تمضي سنوات حتى تكون على تكافؤ يكاد يكون تاما مع زوجها نورا وعرفانا ورأيا واطلاعا، وعندئذ تسعد هي بصداقته كما يسعد هو بصداقتها.
أعرف رجلين يختلفان في المهنة وأسلوب العيش تزوجا أختين على قدر متساو من التعليم، وهو تعليم ابتدائي قليل النفع سريع الزوال، ولكن أحد الزوجين جعل زوجته شريكته في المجلة والجريدة، والآخر لم يبال هذا الاشتراك، وقد مضت عليهما إلى الآن نحو 15 سنة، فماذا كانت النتيجة؟ الأولى تقرأ وتناقش وهي صديقة زوجها، عندما يقعد إليها يجد أن الحديث يرتفع من القيل والقال إلى موقف ترومان ووالاس، واتجاه الوفد في المعاهدة، وموقف روسيا والقنبلة الذرية، والفرق بين حزب العمال وحزب المحافظين ... إلخ.
أما الأخرى فقد نسيت القراءة تماما؛ ولذلك هجرها زوجها إلى القهوة، وأخذ يعيب عليها جهلها!
अज्ञात पृष्ठ