ولن يتحقق الهناء الزوجي إلا بعد أن يعيش النساء والرجال في تعاون، وما يجلبه هذا التعاون من حب وإخاء ومساواة وطمأنينة واستبشار بالمستقبل؛ لأن المجتمع الذي نعيش فيه في الوقت الحاضر يشقينا بالقلق؛ فنحن نقلق ونخاف، نخاف من الفقر والمرض والهزيمة في المباراة الاقتصادية والإفلاس، وكل هذه الصفات تنتقل إلى العلاقة الجنسية، فتعود هذه العلاقة قلقة غير مطمئنة.
أي إن نظامنا الاجتماعي ينتقل بأساليبه إلى نظامنا الجنسي؛ فإذا كنا نخاف من الدنيا ونهرول ونخطف ونقلق ونحسد، ونؤثر أنانيتنا على مصلحة إخواننا في المكتب والمتجر والسوق والمصنع، فإننا ننقل كل هذه الصفات إلى العلاقة الجنسية، فلا نستمتع بالغريزة الفطرية التي يستمتع بها الحيوان، بل نفسدها بوجدان سيئ من حياتنا الاجتماعية السيئة.
ولذلك نحتاج كي تهنأ الحياة الزوجية وتزول الشذوذات الجنسية إلى مجتمع تعاوني سوائي يقوم على الحب وليس على المباراة؛ أي يجب أن نعيش في نظام اشتراكي، وأن يتعلم الرجال والنساء منذ ولادتهم إلى وفاتهم الاختلاط والتعاون والمساواة، وأن نطمئن على عيشنا؛ فلا يكون هناك قلق يغمر شخصيتنا، ويحملنا على الهرولة والخطف: هرولة وخطف في المجتمع يؤديان إلى هرولة وخطف في التعارف الجنسي.
فإذا تم هذا؛ أي إذا تغيرت «الطبيعة» البشرية، وهي في صميمها طبيعة اجتماعية، وإذا تساوى الرجال والنساء عمت الطمأنينة، وزالت الرغبة في التسلط، وعندئذ تهنأ الحياة الزوجية، وترقى على أسس من التعاون والحب والثقافة، فلا تكون غريزية كالحيوان، ولا شقية بالوجدان الاجتماعي السيئ الحاضر، وتخرج المرأة من أنثويتها الضيقة إلى ميدان الإنسانية الواسع.
كيف نصادق زوجاتنا
الصداقة ضرورية لكل إنسان؛ إذ إننا نجد من الصديق سلوى ومؤانسة وانحيازا نحتاج إليها في حالي الضيق والسعة على السواء ... ونحن نتخير أصدقاءنا عادة بحيث يتفقون معنا في الرأي، أو يتكافئون معنا في الثقافة وأسلوب العيش، وبعيد أن نصادق من نختلف معه في كل هذه الأشياء.
وكثيرا ما نتجنب حتى أقرباءنا، بل وإخوتنا، إذا وجدنا أننا لسنا وإياهم على وفاق في أسلوب العيش، أو الرأي، أو العقيدة، أو الثقافة، أو الدرجة الاجتماعية.
وفي مصر حيث لا يزال الاتجاه العام يميل إلى تمييز الشاب على الفتاة في التعليم، نجد أن التكافؤ الثقافي بين الزوجين معدوم، وأن الهوة بينهما كبيرة، ومن ثم تكاد تنقطع بينهما أسباب الصداقة.
والرجل قد يعيش مع زوجته نحو أربعين أو خمسين سنة، وليس هذا العيش سهلا إذا لم تكن هناك صداقة تربطهما؛ ولذلك غالبا ما يتجه الرجل إلى خارج بيته، حيث الأصدقاء من الرجال يقاعدهم في القهوة، أو في النادي، ويجد فيهم بديلا من الزوجة.
وفي أوروبا تتعلم المرأة كالرجل تقريبا، ولذلك يتكافأ الزوجان في الثقافة، فتصبح المرأة وإذا بها ليست زوجة فحسب، بل صديقة لزوجها أيضا، يشتاق كل منهما إلى رؤية الآخر ومجالسته ومحادثته، ويخرجان معا، ويقرآن الكتب التي يشتريها أحدهما معا، ويناقشان موضوعاتها.
अज्ञात पृष्ठ