Gorgias » قد قضى بأن إنسانا ما لا يستطيع أن يعرف مشاعر
Feelings
غيره؛ وعلى هذا لا يمكن للكلمات كما تستعمل في اللغة الدارجة على الألسنة أن تكون واسطة صحيحة لنقل المعرفة من شخص إلى آخر، ففي مجال العمل يدفعنا هذا الشك إلى الاعتقاد بأن «العقل» يحمل كل إنسان على أن يتطلع إلى استحداث «الشيء الوحيد» الذي يستطيع أن يعرفه «تحقيقا» وما ذلك الشيء إلا شعوره الذاتي.
وربما كانت فكرة غورغياس هذه مصدر الوحي الذي استوحى منه الفيلسوف لوك الإنجليزي فكرته التي بثها في كتابه «الفهم الإنساني» وقضى فيها بأن الإلهام عاجز عن تزويدنا بفكرات بسيطة جديدة، قال:
ليس في مستطاع إنسان أن ينقل إلى الناس، بأي طريق من طرق الإلهام والوحي فكرات بسيطة جديدة، لم يكونوا قد استوعبوها من قبل بحواسهم أو تأملهم؛ لأنه مهما كانت الآثار التي يتلقاها ذلك الإنسان من طريق الإلهام أو الوحي، حتى إذا كانت مجرد فكرات بسيطة جديدة، لا يمكن أن ينقل إلى الغير، لا من طريق الألفاظ، ولا من طريق الإشارات؛ لأن الكلمات بتأثيرها المباشر فينا، لا يمكن أن تزودنا بأية فكرات جديدة لم تكن تحملها من قبل مدلولاتها الطبيعية، ومن طريق اعتيادنا على استعمال هذه الألفاظ لتدل على إشارات خاصة، تكون قدرتها على أن تبعث، أو تحيي في أذهاننا، فكرات كانت كامنة فيها، ولكن لا بد من أن تكون هذه الفكرات موجودة من قبل؛ لأن الألفاظ سواء أكانت مكتوبة أم ملفوظة، تجر إلى خواطرنا تلك الفكرات التي اعتدنا على أن تكون تلك الألفاظ إشارات لها، أو علامات عليها، بيد أن الألفاظ تعجز عن أن تستحدث فكرات جديدة لم تكن مستوعبة في الذهن من قبل، وهذا يصدق على كل ضروب الإشارات الأخرى التي لا يمكن أن تبين لنا عن أشياء لم نكن قد استوعبنا من قبل أية فكرة عنها. (4) أرسطبس والعلم
كانت الدائرة العلمية التي انحصرت فيها جهود أرسطبس ضيقة، كما كانت دائرة أستاذه سقراط من قبل في البحث العلمي الصرف
فإنه كان بعيدا عن البحث في كل ما يتعلق بالطبيعة واستقراء أسرارها بعد سقراط، وكان بعده عن دائرة العلم الصرف كبيرا، حتى إنك لتعجب من أن عقلا فذا كعقل أرسطبس تثقف على أخص القواعد التي أتيحت لفلاسفة اليونان، وكان بفطرته فياضا مؤتلقا كالنجم الساطع، يحكم في الرياضيات فيقول فيها إنها أدنى منزلة من الصنائع اليدوية؛ لأنها لا تأخذ بضلع في تمييز «ما هو أحسن مما هو أردأ»؛ أي إنها لا تعود بنفع على الإنسان في حياته.
لهذا حصر كل همه في علم الأثيكة
Ethica
20
अज्ञात पृष्ठ