विज्ञान का दर्शन

युम्ना तारिफ खुली d. 1450 AH
67

विज्ञान का दर्शन

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

शैलियों

كان اكتشاف الحركة الدائمة لجزيئات السوائل، الحركة البراونية، أزمة خطيرة للفيزياء الكلاسيكية؛ فهي خروج مباشر على قوانين الحركة النيوتنية التي تنص على أن الجسم لا يتحرك ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي، علة هي قوة، فضلا عن أن حساباتها تستلزم هي الأخرى مناهج الإحصاء والاحتمال، لا لحساب درجة جهل الذات العارفة بالموضوع؛ ولكن لأن طبيعة الموضوع ذاته احتمالية تفرض المناهج الإحصائية مما ينقض مبدأ الحتمية الذي رأيناه شريعة العلم الكلاسيكي. وتتصل الحركة البروانية بالحركة الحرارية «الديناميكا الحرارية»، فكل جزيئات السائل في حركة دائبة، وعلى الرغم من أنها مجهرية لا تراها العين المجردة فإنها تزداد بارتفاع درجة الحرارة حتى تصل لدرجة ملحوظة جدا تعرف بالغليان، وتحدث تهيجا في ألياف الأعضاء باللمس، وهو إحساس نسميه بالسخونة، وفي المقابل تقل الحركة بانخفاض درجة الحرارة، حتى تنعدم في حالة تجمد السائل؛ لذا فإن ما نطلق عليه اسم درجة الحرارة ليس إلا مقياسا لدرجة الاضطراب الجزيئي.

مثلت قوانين الديناميكا الحرارية والنظرية الحركية للغازات والحركة البروانية، الثلاثة معا، أزمة للفيزياء الكلاسيكية، من حيث كانت تمردا وعصيانا لحتميتها العلمية، وتكاتفت لتؤكد عجز مناهجها، وأن الإحصاء والاحتمال ضرورة موضوعية تتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه الظواهر؛ فهي في تغير دائم وحركة متواصلة عشوائية وغير منتظمة، تداخل وتفاعل وتشابك بين عناصرها، مما يجعل التحديد الفردي الميكانيكي خروجا عن طبيعتها الوضعية، وعبثا لن يفضي إلى معرفة ذات قيمة، فليس الأمر قصورا أو عجزا عن تحديد علل في الواقع، إنما هي وقائع موضوعية تختلف في طبيعتها عن وقائع الفيزياء الكلاسيكية، إنها قابلة للتحديد الكمي، لكن في غير الحدود الميكانيكية الحتمية.

والأخطر من كل هذا أن الحركة الغازية والحركة البراونية كانتا براهين مباشرة على الوجود الحقيقي للذرات توضح بجلاء الطبيعة المتجزئة للمادة،

49

ومن هذه الطبيعة واصلت الخلايا السرية للثورة العلمية نشاطها ليخرج من حدود خلق أزمة إلى موقف الإعلان الصريح عن انهيار الإبستمولوجيا الكلاسيكية.

كان افتراض الذرة قد ورد لأول مرة في الفلسفة الهندية القديمة، ثم أكده يمقريطس وأبيقور ولوكريتوس في الفلسفة الإغريقية، وأخذ به علماء الكلام الإسلاميون وأسموا الذرة: الجوهر الفرد، وأيضا تمسك به بعض من أنصار الواحدية المادية في القرن الثامن عشر، ولكنه اقتحم عالم العلم على يد عالم الكيمياء الإنجليزي ويليم بروت

W. Prout (1785-1850م) حين قدمه عام 1815م كفرضية بشأن وجود جسيمات دقيقة تساهم في مختلف التفاعلات الكيميائية دون أن تتحطم أو تستحدث، ثم صاغ جون دالتون

J. Dalton (1766-1844م) هذا الفرض الذري صياغة دقيقة في نظريته عن التفاعلات الكيميائية.

فكان الكيميائيون هم واضعو فرض الذرة في العلم الحديث، وحين أخذه الفيزيائيون منهم لم يسبب في بداية الأمر أزمة كبيرة، فقد بدأ هذا بافتراض دالتون ومندليف القائل: إن المادة مكونة من ذرات غير قابلة للانقسام، وهذا افتراض يدعمه نيوتن نفسه، لكنه بدأ يزعج الإبستمولوجيا الكلاسيكية حين تمكن ج. ج. طومسون - كما أشرنا - من تحطيم الذرة عام 1897م بدراسته لأشعة الكاثود التي أظهرت أنها تدفق الإلكترونات حاملة الشحنات الأحادية السالبة، فكان اكتشاف الإلكترون الذي يعني أن العلم قد اقتحم الذرة. واقتحم رذرفورد بعد ذلك نواة الذرة حين حطمها عام 1924م مكتشفا بهذا قوى جديدة في الطبيعة، ثم انطلقت من الذرة جسيمات عديدة، وقبل أن يأتي الربع الأخير من القرن العشرين كانت تعد بالعشرات. وبمجرد ظهور الجسيمات الأولية الأساسية وهي الإلكترون والبروتون والنيوترون، كانت الفيزياء الكلاسيكية قد ناءت تماما بثقلها.

وقد تبدى الثقل الوبيل للذرة وجسيماتها منذ أن شرع العلماء في دراسة النشاط الإشعاعي، والتي يمكن اعتبارها المقدمة الفعلية للفيزياء الذرية. فقد اكتشف العالم الفرنسي هنري بيكريل

अज्ञात पृष्ठ