152

विज्ञान का दर्शन

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

शैलियों

وهنا يتقدم الفيلسوف النمساوي لودفيج فتجنشتين

L. Wittgenstein (1889-1951م) بوصفه صاحب الأثر الواسع والعميق في صبغ فلسفة القرن العشرين بالصبغة المنطقية، تقنينا وتنضيدا للغة، وإحكاما وضبطا للتفكير بواسطة قصر اللغة على صياغة العبارات التجريبية والعلاقات المنطقية. فيمثل فتجنشتين نقطة التقاء الخطوط السابقة، المد التجريبي والمنطق الرياضي كعصب الفلسفة وكيف يتبوأر تلاقيهما معا وتفاعلهما في التجريبية وهي تتمنطق في شكل فلسفة للغة.

كان فتجنشتين يدرس هندسة الطيران والملاحة الجوية، اجتذبته الرياضيات في سياق دراسته الهندسية، وانكب على الرياضيات البحتة وألحت عليه التساؤلات بشأن أصولها. أرشده أساتذته إلى كتاب «برنكبيا ماتماتيكا» الذي دفعه إلى دراسة أعمال فريجه، سافر فتجنشتين إلى يينا

Jena

في ألمانيا عام 1911م؛ لكي يناقش أصول الرياضيات مع فريجه، فنصحه بالدراسة في كمبردج على يد برتراند رسل. هكذا شد فتجنشتين الرحال إلى إنجلترا والتحق بكلية تيرنتي في كمبردج لينتقل من أصول الرياضيات إلى المنطق، ويتفرغ بقية حياته للفلسفة، عازفا عن إمكانياته المهنية الهندسية ومتنازلا عن ثروة طائلة ورثها ومعرضا عن الزواج ... إلخ. هذا لكي يتكرس تماما لثورة المنطق الرياضي في المملكة التجريبية كما تمخضت عن فلسفة اللغة التي ستلعب دورا كبيرا في فلسفة العلم.

نمت بينه وبين أستاذه برتراند رسل صداقة عميقة ورفقة فلسفية ثمينة، أثمرت ثمرا وفيرا في مضمار الفلسفة التحليلية. في أوائل العشرينيات صدر كتاب فتجنشتين «الرسالة المنطقية الفلسفية»، ترجم توا إلى اللغة الإنجليزية ثم ترجم مرارا وتكرارا، ويظل من أهم النصوص الفلسفية في القرن العشرين، ومن أقوى الموجهات التي أثرت على فلسفة العلم. إنه كتاب شديد التميز، عباراته قصيرة حادة مركزة قاطعة حاسمة مرقمة بدقة، لا يمكن قراءتها بسرعة أو فهمها بسهولة.

كان فتجنشتين نموذجا لفئة المنطقي/الفيلسوف، بل هو حاد في الاتسام بالسمة المنطقية. الفلسفة في عرفه إما هي منطقية أو أنها لا شيء وقول فارغ يخلو من المعنى، بله الجدوى. قام بدوره في تطوير وسائل المنطق الرياضي من قبيل قوائم الصدق، ودوال الصدق التكرارية (انظرها في الفصل

الرابع ) انطلق من الرياضيات وله بحث في أصولها، ويقف عمله على أكتاف فريجه ورسل، إلا أنه لا يوضع ضمن أقطاب المدرسة المنطقية في فلسفة الرياضيات، ويظل من أرباب الفلسفة التحليلية. وتحتل «الرسالة المنطقية الفلسفية» موقعا استراتيجيا بالنسبة لدور المنطق في فلسفة القرن العشرين على العموم، وفي فلسفة العلم على الخصوص.

أوضحت «الرسالة المنطقية الفلسفية» أن المنطق ما هو إلا صورة للفكر كما يتمثل في اللغة. إذن فالمنطق ما هو إلا صورة للغة، وكل ما يمكن التفكير فيه يمكن التعبير عنه بوضوح، يقول فتجنشتين:

تهدف الفلسفة إلى التوضيح المنطقي للأفكار، وليست الفلسفة علما

अज्ञात पृष्ठ