140

विज्ञान का दर्शन

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

शैलियों

في ألمانيا نفسها كان الانشقاق على المثالية، حين شهد ذلك العام صدور كتاب إدموند هوسرل

E. Husserl (1861-1938م) «بحوث منطقية» الذي يعنى عناية بالغة بتوصيف الزمان ، ويؤسس مذهب الفينومينولوجيا

، أو الفلسفة الظاهرية. ترى الفينومينولوجيا أن افتقاد العلم للأسس الإنسانية وأبعاد الوعي الإنساني بمثابة خطر داهم يهدد الحضارة. أما التخلف النسبي للعلوم الإنسانية فهو أزمة العلم الغربي بجملته، ويرجع إلى تبنيها الأعمى لمسلمات ومناهج العلوم الطبيعية على الرغم من الاختلاف النوعي للظواهر الإنسانية عن الظواهر الطبيعية بكل ما تفتقده. وعلى هذا تعمل الفينومينولوجيا على أن تشق طريقا جديدا مختلفا للعلوم الإنسانية يقيلها من عثرتها ويحقق تقدمها المأمول، ويبطل ردها إلى العلوم الطبيعية أو اتباع طريقها.

إنه طريق يقوم على أساس أن التجربة الحية هي المدخل الوحيد للعلم. والمنهج الفينومينولوجي الذي نما وتطور خلال القرن العشرين، مع كثيرين نذكر منهم مرويس ميرلو بونتي

M. Merleau Ponty (1908-1961م)، يعني تركيزا خاصا على الظاهرة، أي ما يظهر أمام الوعي. إنه يبدأ من الواقعة الأولية المعطاة للوعي والمدركة حدسا، فنكون بإزاء «الإحالة» إلى الوعي و«قصدية» الوعي، أي إن الوعي يقصد الظاهرة المعنية فيتوجه إليها، إلى شيء آخر سوى ذاته. بالقصدية والإحالة المتبادلة بين الوعي وموضوعه تنهار القسمة المصطنعة بين الذات والموضوع التي ورثناها عن الفلسفة التقليدية والتقابل الشهير فيها بين المثالية والمادية. بالمنهج الفينومينولوجي لا يبقى إلا التجارب الشعورية الحية التي تحمل الطابع الخاص لما هو إنساني. إنها معطيات واقعية، فتظهر الحقيقة بوصفها تيارا من الخبرات، الخبرات باعتبارها أفعالا خاصة بالوعي، ومن حيث هي بنيات وتراكيب وليست مجرد تجارب شخصية. لا بد إذن من وصف المضامين الخالصة لما هو حاضر في الوعي، في الخبرة أو الشعور، وتأويل الظواهر بحيث تعرض نفسها للتحليل في شكل خالص لتكشف لنا عن الأشياء نفسها، عن الماهيات. ومن ثم يقوم المنهج الفينومينولوجي على تعليق الظاهرة في حد ذاتها أو وضعها بين قوسين، ثم إعادة بنائها عن طريق تحليلها كما هي معطاة للوعي، أي من حيث هي خبرة شعورية مندرجة في تيار الزمان.

تطورت الفينومينولوجيا وكان لها حضور قوي في فلسفة القرن العشرين، خصوصا في مجال الهيرمنيوطيقا

Hermeneutics

أو فلسفة التفسير والتأويل، ولا سيما تأويل النصوص. فما دامت الفينومينولوجيا تعنى بتحليل الظواهر من حيث هي تجارب معاشة، لإدراك معانيها المستقلة «ماهياتها» فلا غرو أن يدخل النص في صميم موضوعها، فهو ظاهرة حية في وعي الكاتب وفي وعي القارئ، مهمة الكاتب تنتهي بخروج النص، أما القراءة والتأويل فمهمة مستمرة وإمكانية مفتوحة دوما لفهم جديد ... لتأويل. من هنا تحولت فينومينولوجيا أو ظاهريات النصوص إلى علم مستقل هو الهيرمنيوطيقا، يستفيد من علوم إنسانية عديدها ويفيدها، وعلى اتصال وثيق بنظرية المعرفة. وبفضل هانزجيورج جادامر

H. G. Gadamer

وكتابه الرائد «الحقيقة والمنهج 1960م» استوت الهيرمنيوطيقا علما له مدارسه، واتجاها واسعا مارس سيطرة كبيرة على الأجواء الثقافية ومدارس النقد الأدبي في الربع الأخير من القرن العشرين. إنه علم يقوم على إلغاء التباعد بين القارئ والنص، أو ما رأينا الفينومينولوجيا تمارسه من إلغاء التباعد بين الذات والموضوع. وبالتالي فهم النص ليس كموضوع مفارق، بل في سياق إنتاجه وفي أفق المتلقي له أو القارئ، فتتعدد مدلولاته بتعدد آفاق المتلقين باختلاف الأزمنة والأمكنة، ويبقى النص معينا لا ينضب وإمكانية متجددة دوما ... باختصار التعامل مع النص كظاهرة في تيار الشعور معطاة للوعي، هكذا نجد الهيرمنيوطيقا أقوى امتدادات الفلسفة الفينومينولوجية.

अज्ञात पृष्ठ