दर्शन: इसके प्रकार और समस्याएँ
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
शैलियों
على أن المسيحية لا تحتكر وحدها هذا النوع من الثنائية، كما يتضح من هذه الحقيقة، وهي أن هناك كثيرا من الفلسفات الدينية الشرقية كانت تبدي اهتماما متساويا، وربما اهتماما أعظم، بوجود ثنائية أساسية في مجال الأخلاق. وفضلا عن ذلك فإن الثنائية الأخلاقية مذهب يعتنقه كثير من الغربيين الذين يعتقدون أنهم تركوا المسيحية ومؤثراتها خلف ظهورهم، مما يوحي بأن هذا رأي يستطيع الوقوف على قدميه دون ارتكاز على اللاهوت.
وتفترض الثنائية الأخلاقية عادة قوتين متعارضتين في الكون، تسميان في العادة باسم «الخير» و«الشر» - أو «الصواب» و«الخطأ»، بتعبير أقل دقة. وهكذا فإن التجربة البشرية تنطوي على صراع ، أو على الأقل اختيار بين هاتين القوتين المتعارضتين. إنه صراع يشترك فيه كل فرد بالضرورة، بأن يختار الجانب الذي سيحارب من أجله.
الثنائية في مقابل النسبية : بينما الثنائي الأخلاقي لا يزعم أن أي اختيار نصل إليه، أو أي فعل نقوم به، هو ضربة في صف الخير أو الشر، فيكاد يكون من المؤكد أنه يؤمن بوجود مبادئ مطلقة في الأخلاق. وبعبارة أخرى، فعلى الرغم من أنه لا ينظر إلى كل فعل على أنه «خير» أو «شر» بالضرورة، فإنه يؤكد أن الأفعال التي تنتمي إلى المجال الأخلاقي لا بد أن تكون خيرة أو شريرة على نحو واضح، قاطع، مطلق. ومن هنا كان هذا النوع من الثنائية متعارضا بشدة مع النسبية الأخلاقية. فالقائل بالنسبية يرى أن الأشياء نادرا ما تكون سوداء أو بيضاء فحسب، وإنما هي رمادية بدرجات متفاوتة. وواضح أن وجهة النظر النسبية هذه لا تتمشى مع الثنائية، ما دام لب أية وجهة نظر ثنائية هو التقابل الأساسي بين كيانين لا يردان (هما عادة كيانان مطلقان) من نوع ما.
ولقد ظهرت طوال التاريخ نظرات إلى العالم مبنية على الثنائية الأخلاقية، وكان معظم هذه المذاهب يقول إن العمليات الكونية؛ أي نفس عمليات الطبيعة ذاتها، إنما هي مظاهر لصراع جبار بين قوى الشر وقوى الخير. غير أن هذه الثنائيات الأخلاقية قد أصبحت في أيامنا هذه أقل اهتماما بصياغة نظرة شاملة إلى العالم. وإنما هي تكتفي بوضع مذهب أخلاقي شامل. وكثيرا ما نسمع اليوم عن مفكر يوصف بأنه ثنائي أخلاقي لأنه يدعو إلى (أو يمارس) حياة مبنية على أحكام أخلاقية واضحة المعالم - وإن تكن الألفاظ في هذه الحالة غير مستخدمة بدقة كاملة، بل إن من الشائع اليوم إطلاق اسم الثنائي الأخلاقي على ذلك الذي يصدر تقديراته وأحكامه الكبرى من خلال قيمتي الصواب والخطأ، ولا سيما إذا كان هذا الشخص صارما لا يلين في أحكامه، وإذا كان يعدها أحكاما مطلقة. وعلى أساس هذا المعنى الفضفاض للفظ - والذي هو مع ذلك معنى شائع - فمن الممكن أن يندرج ملايين الأمريكيين، وربما أغلبهم، ضمن فئة الثنائيين الأخلاقيين. ومن المؤكد أن أية شيعة مسيحية تهتم بالخطيئة والتكفير، تنطوي على ثنائية من هذا النوع، ذلك لأن من العسير بناء عقيدة تؤكد أهمية الخطيئة وعواقبها، دون أن يكون هناك تميز قاطع يفرق بين الأفعال الآثمة أو الخاطئة والأفعال التي ليست كذلك.
والواقع أن ما يعرف عند الأمريكيين باسم «التطهرية
» إنما هو مثال مشهور للثنائية الأخلاقية. صحيح أن تطهرية القرن السابع عشر (وهي التطهرية الأصلية) كانت ذات مضمون أوسع بكثير من هذا المذهب الحديث، غير أن ما يسمى «بالاتجاه التطهري»، الذي لا يزال ذائعا على نطاق واسع في أيامنا هذه، هو بلا شك ثنائية من هذا النوع. فهو ينطوي على إحساس جامد راسخ بالخير والشر، اللذين يعدان مطلقين ثابتين. والتطهري، في اللغة الشائعة، هو الشخص المتزمت غير المتسامح، الذي يعارض معظم أشكال اللذة، حتى تلك التي يعدها معظمنا لذات بريئة. هؤلاء الأشخاص يبنون موقفهم الصارم هذا على فلسفة من نوع ما، وهذه الفلسفة هي ثنائية أخلاقية. وهذه الثنائية الأخلاقية بدورها تستمد عادة من ثنائية ميتافيزيقية، تنظر إلى الجسم ورغباته على أنها شر بطبيعتها لمجرد كونها جزءا من النصف المادي للواقع. (2) الثنائية الكلاسيكية: ديكارت
كان أدق المذاهب الميتافيزيقية الثنائية التي ظهرت في الفلسفة، ذلك المذهب الذي عبر عنه المفكر الفرنسي ديكارت تعبيرا كلاسيكيا في القرن السابع عشر. فالمبدآن النهائيان في المصطلح الديكارتي - وهما «الذهن» و«المادة» - يوصفان على أساس أهم صفاتهما وأكثرها تفردا؛ ولذا يسميهما «بالفكر» «والامتداد» - أو بتعبير أدق، «الجوهر المفكر» «والجوهر الممتد» (أي الذي يشغل مكانا). ولقد كان انقسام الواقع، في نظر ديكارت وأتباعه، مطلقا: فكل من الجسم والذهن قائم بذاته، وخصائص كل منهما أو صفاته مختلفة كل الاختلاف. بل إن كلا منهما يستبعد الآخر: فأي شيء يكون صفة للذهن لا يمكن أن يكون صفة للمادة، والعكس بالعكس.
ومن المؤكد أن ديكارت لم يكن أول من اخترع الثنائية، غير أن صياغته للموقف الثنائي لها أهميتها ودلالتها؛ لأنها استخدمت الحتمية الآلية الدقيقة في التعبير عن كل الحوادث التي تقع في العالم المادي، على حين أنها رفضت الحتمية في المجال الذهني الروحي. وهكذا لم يفترض ديكارت نوعين من الوجود فحسب، بل إنه افترض أيضا نوعين من العلية.
العالم المادي حتمي، والعالم الروحي لا حتمي: كان ديكارت يرى، فيما يتعلق بالعالم المادي، أنه على حين أن الله هو العلة الأولى أو المحرك الأول الذي بدأ كل حركة، ومنذ هذه الدفعة الأولى، كانت كل الحركات آلية بحتة؛ وبالتالي فهي خاضعة للعلية الحتمية. وعلى ذلك فإن العالم الفيزيائي ليس حقيقيا ومستقلا عن الناس فحسب (وهي فكرة يظهر بوضوح مدى اختلاف ديكارت فيها عن المثاليين من أمثال باركلي)، بل إن سلوكه يخضع أيضا لتلك القوى الآلية التي طالما أكدها الآليون والحتميون. ولقد كان ديكارت يرى أن مهمة العلم هي كشف تلك القوانين التي تسري على العالم المادي. ويبدو أنه كان ينظر إلى هذه القوانين على أنها مطلقة وحتمية.
ولكن ديكارت عندما انتقل إلى بحث عالم الوجود الذهني أو الروحي، ولا سيما في علاقته بمظهره الرئيسي، وهو النفس البشرية، عكس موقفه تماما. فقد دافع في هذا المجال عن حرية الإرادة، بل إنه ذهب إلى حد القول بأن في وسع الإنسان أن يختار بحرية بين شيئين، بحيث يقع اختياره على ذلك الذي تكون رغبة عقله فيه أقل. (وهذا رأي مخالف لموقف إحدى المدارس القائلة بحرية الإرادة، وهي المدرسة التي تذهب إلى أننا نستطيع أن نختار ما نريد، غير أن هذا الاختيار يقع دائما على الطرف الذي يكون مرغوبا فيه أكثر من الآخر - وواضح أن هذا الرأي يقيد نطاق حرية الاختيار إلى حد بعيد). وعلى ذلك فإن ديكارت يرى أنه، مهما يكن مدى خضوع جسم الإنسان، بوصفه جزءا من العالم المادي للمؤثرات الحتمية، فإن ذهنه أو روحه يظل بلا تأثر بكل اختيار سابق أو بكل قوى خارجية.
अज्ञात पृष्ठ