Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
शैलियों
[المسألة الثالثة]:
الإيمان بالقدر يشمل أربع مراتب:
أما مرتبتان فسابقتان قبل خلق السموات والأرض قبل خلق الأشياء وهما:
١ - المرتبة الأولى: علم الله ﷿ السابق.
٢ - المرتبة الثانية: كتابه ﷿ للأشياء في اللوح المحفوظ.
@ وعلم الله السابق بالأشياء: علم أزلي والله ﷾ عِلْمُهُ صفة ذاتية له، فما شاء الله ﷿ أو أراد أن يُوقِعَهُ في ملكوته مُوَقَتًا بوقته مُقَدَّرًا بزمان وصفتة فإنه ﷾ عَلِمَ ذلك على وجه التفصيل لكمال علمه وأنه سبحانه بكل شيء عليم.
@ وأما كتابه ﷿ للأشياء: فإنَّ الله كَتَبَ مقادير الخلائق مؤخرًا؛ يعني قبل خَلْقِ السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وغيره «قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» (١) .
وقوله (قَدَّرَ الله) يعني كَتَبَ لأنَّ المرتبة السابقة للعلم هي قبل ذلك.
عِلْمُ الله ﷿ أول علم الله أزلي، يعني لم يَزَلْ.
فإذًا نقول إنَّ مرتبة الكتابة هي كتابة الله ﷿ للأشياء على وجه الإجمال والتفصيل في اللوح المحفوظ كما قال سبحانه ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر:٥٣]، ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:٤٩]، وقال ﷿ ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج:٧٠]، ونحو ذلك من الأدلة.
والأدلة لهاتين المرتبتين كثيرة في القرآن والسنة.
٣ - أما المرتبة الثالثة فهي مرتبة عموم مشيئة الله ﷿:
فإنه ما شاء الله كان وما لن يشأ لم يكن.
فطاعة المطيع وقعت بمشيئة الله، ومعصية العاصي وقعت بمشيئة الله، إحياء النفس وقع بمشيئة الله، وقتل النفس وإزهاق روحها ظُلْمًا وعدوانا وقع أيضا بمشيئة الله ﷿.
فالله سبحانه شَاءَ كل ما وقع، فما وقع في ملكوته لا يمكن أن يوقعه العبد إلا إذا شاءه الله ﷿ بما في ذلك الأمور المحمودة عند الإنسان والأمور المذمومة عند الإنسان، الخير بالنسبة للإنسان والشر بالنسبة للإنسان كل ذلك وقع بمشيئة الله ﷿، ولا يخرج أحد عن مشيئته، قال سبحانه ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان:٣٠]، وقال سبحانه ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير:٢٩]، وقال سبحانه ﴿مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام:٣٩]، وقال سبحانه أيضا ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ﴾ [الأعراف:١٥٥] .
فإذًا ما يقع من الإضلال هو بمشيئة الله؛ لكن وقع بمشيئة الله لحكمةٍ لله ﷿ في وقوعها.
فإذًا الله سبحانه شَاءَ الخير وشاء الشر وأذِنَ بوقوع الخير، وأَذِنَ بوقوع الشر كَونًَا.
وأما من جهة الشرع، من جهة الدين فإنَّ الله سبحانه نهى عن الشر، نهى عن الكفر، نهى عن الكبائر، نهى عن المعصية، نهى عن الظلم وأمر بالإيمان وأمر بالعدل وأمر بالطاعة وأمر بالعبادة.
فإذًا ثَمَّ فرق بين الإرادة الكونية وبين الإرادة الدينية.
فالإرادة الكونية لا يُشْتَرَطُ لها وهي المشيئة أن يكون الشيء وقع والله ﷾ يُحِبُّهُ ويرضاه؛ بل قد يأذن الله ﷿ ويشاء بالشيء وهو لا يحبه ويرضاه، يأذن به كَونًَا ويشاؤه ويقع وهو لا يحبه ويرضاه من عباده، وهو لا يحبه ويرضاه أن يقع؛ لكن أَذِنَ به وشاءه لحكْمَةٍ له ﷿ في ابتلاء العباد؛ لكنه لم يرضه دينا، يعني ما أراده شريعةً، ما أرده دينًا، وهذا يحتِّمْ كما قال ﷿ ﴿وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ﴾ [الزمر:٧] مع أنه ﴿وَمَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ﴾، ولكنه ﴿لاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ﴾ .
فإذًا دَلَّتْ الأدلة على التفريق ما بين الإرادة الكونية والإرادة القدرية، والإرادة الكونية هي المشيئة.
لأنَّ الإرادة تنقسم إلى:
- إرادة كونية.
- وإرادة دينية
وأما المشيئة فلا تنقسم، المشيئة هي الكونية يعني هي الإرادة الكونية.
إذا تبين لك ذلك فمرتبة المشيئة هي المرتبة التي فيها الخلاف والضلال ما بين القدرية المتوسطة وبين أهل السنة والجماعة، هي في مسألة المشيئة.
والقدرية الذين ينفون القَدَرْ كالمعتزلة والرافضة وأشباه هؤلاء والزيدية كل هؤلاء يُنَزِّهُون ويقولون:
إنَّ المشيئة لا تدخل في معصية العاصي ولا في كفر الكافر، فإنَّ كفر الكافر ومعصية العاصي هذه لم يشأ الله ﷿ أن تقع وإنما شاءها العبد وهي مكروهة لله ﷿ استدلالًا بقوله ﴿وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ﴾ .
(١) سبق ذكره (٦١)
1 / 240