ولكن كانت هذه العاطفة قد فتحت الباب لبعض الأحاديث الضعيفة، وبعض الروايات التي تنسب للقصاصين أكثر مما تنسب إلى المحدثين؛ فإن العذر الذي قدمه في مطلع كتابه لذلك هو بعده عن المصادر وقت كتابة مصنفه، واعتماده على الذاكرة، وهذا العذر بجمل من يتصدى لنشر الكتاب مسؤولية فرز الروايات والحكم على الأحاديث، وهذا ما حرص عليه المركز، ونهض به المحقق دون إفراط أو تفريط.
ولا شك أن تراثنا العلمي بعطوره، وعوالق عصوره؛ هو جزء من شخصيتنا، والجذور التي ترتبط بها معارفنا، من حقه أن ندرسه وننشره، وتقدمه للأجيال الحاضرة والقادمة؛ بمنهجية علمية سوية؛ فإن الأمة التي تنقطع عن جذورها تفقد أهم معالم شخصيتها، وتتردى فيما قاله رسول الله: «إن المنبت الا أرضأ قطع، ولا ظهر أبقى»
والمركز إذ يقدم هذا الكتاب - الذي طبع من قبل دون تحقيق منهجي - ليأمل أن تكون خطوته هذه رسالة إلى الناشرين والمهتمين بتراث المدينة المنورة؛ أن يحرصوا على خدمة هذا التراث بما يليق بمكانة المدينة وأهمية التراث، فيجتهدوا في خدمة النصوص وتدقيقا، وشرحا، وتعليقا، وفهرسة، فقدسية المدينة جديرة بهذه الخدمة، وتراثنا العلمي لا يجد التقدير الصحيح إلا بالعمل المنهجي الصادق، والله يحب «إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»
وهو ولي التوفيق.
د. عبد الباسط بدر
مدير عام مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
1 / 6